* التسبيت
وهو أن تعمل المحال الحرفية ( مثل صناعة الأحذية ) بنصف جهد ولنصف الوقت في يوم السبت. وقد عاش الباحث نفسه هذه العادة ومارسها خلال عمله في ورش صناعة الأحذية ( حرف المفصلجي والمكنجي والجزمجي) ، وفيها تفتح كل ورشة أبوابها ولكن نصف فتحة ، وتنتج أقل مما تنتجه يوميا ، ولما كان يوم الجمعة هو يوم العطلة الرسمية ومن الطبيعي السروح للشغل في السابعة صباحا كبقية أيام الأسبوع إلا أن الذهاب للعمل يوم السبت يكون متأخرا فيبدأ في الساعة الثانية عشرة تقريبا.
وبسؤال كبار السن أرجعوا العادة إلى وجود عدد من اليهود في مصيف رأس البر في الأربعينيات من القرن الماضي ( فندق مارين فؤاد ) ،وعنهم نقلها أرباب الحرف ، وظلت سارية في الثلاثينيات والأربعينيات والخمسينيات حتى منتصف الستينيات وفي الزمن الحاضر أختفت أو تكاد. كان صاحب العمل يقول لعماله " سنسبت بكرة " ، ويمنحهم أجر نصف يوم ومن مظاهر " التسبيت " العمل ببطء والحركة بمقدار والتراخي عكس كل أيام الأسبوع.(1)
* سبوع المولود .
في الليلة السابعة لوضع الأم مولودها يتجمع النساء في بيت المولود أو المولودة. يتم وضع سبعه حبوب في غربال كبير والسبع حبوب متنوعة كالقمح والشعير والفول والذرة والعدس والفاصوليا ، والأرز. وتضاء الشموع فوق رأس المولود. وفي المسافة الزمنية بين المغرب والعشاء يحمل المولود بين ذراعي العمة أو الخالة او إحدى القريبات ، ويتم نزولها بالطفل درجات السلم . هي تغني وبقية النسوة ورائها ، يصفقن . " اسم الله عليه .. اسم الله عليه. جبنا المولود . والبركة فيه" وينثر الملح فوق الرؤوس ، ويصعد بالمولود ليوضع في سرير الأم فيما يعد منقد فوقه البخور وتخطي الأم النفساء على المنقد سبع مرات ، كما يدق الهون ، ويوشوش في أذن المولود بعبارات مرحة : " أسمع كلام أمك .. ما تسمعش كلام أبوك" وغيرها من عبارات يصحبها " زيطة " ويحمل الأطفال الصغار الشموع بلا استثناء . (2)
* ليلة الحنة
وهي مخصصة لإضفاء السعادة على العروس . ليلة الحنة تسبق ليلة الزفاف مباشرة ، ولا يحضرها أي ذكر ، تستحم العروس وتقعد في كرسي مشغول بالورود والفل والريحان والياسمين. تحني العروس أيديها وأقدامها وتنقش بحنة " جاوي " . ويتم الرقص والغناء بأغان شعبية والعروس تشارك بالتصفقيق لكنها لا ترقص عادة ، وفي حالة دخول طفل ولو كان صغيرا يتم طرده ، ولو تمثيلا ، باعتباره ينتمي لجنس الذكور. ولا توضع نقطــــة (3) .
* فرخة الإتفاق
يضع أهل العروس (الحلة ) تحت سرير الزوجية ، وذلك ليلة الدخلة ، وقد تشمل واحدة من أصناف الطعام التالية : " بطة مرجان " ، " زوجين حمام بالفريك " ، " دجاجة " ، وكلها مطهية وبجوارها تصف الأطباق. لها بعد مادي لرفع أسهم الزوجة باعتبار أهلها " ناس شبعانين " وابنتهم ليست بحاجة للطعام فهو موجود بوفرة. وللعادة بعد معنوي يتمثل في أن هذه الزوجة بنت ناس وتحتاج لهذه الأصناف في حياتها لكن البعد الخفي هو تعويض العريس والعروس على ما يبذلاه من جهد ليلة الدخلة . ولا زالت حلة الإتفاق سارية حتى وإن وضع الطعام في الثلاجة. (4) .
* تبديل الأثواب .
في ليلة الفرح ، ويكون عادة في أحد الكازينوهات أو دور السينما أو في بيت العروس . تدعى فرقة للغناء ولعزف الموسيقي. بين كل وصلة غنائية وأخرى تنهض العروس لتغيير ثوبها وارتداء ثوب آخر ، وغالبا ما تبدأ بالثوب الأبيض التقليدي ، بعدها ترتدي أثواب بألوان مبهجة ، وتفصيلات مختلفة حوالي 5 أو 7 مرات بحيث يكون العدد فرديا. حسب طاقة أهل العروس . السبب في هذا التقليد الإشارة إلى كون أهل العروس قادرين على كسوة ابنتهم ، وهناك سبب آخر يتمثل في إظهار جمال العروس والرد ببيان عملي على العوازل.
وربما كانت مسألة تبديل الأثواب ـ التي كادت تختفي حاليا ـ نوع من إظهار مدى ثراء العروس وفي الخمسينيات كان يقوم بها الفقراء لكن في حدود ثلاث مرات لا أكثر. (5).
* شوباش .
ترتبط تلك الظاهرة بالموسيقى النحاسية ، وكانت منتشرة في مدينة دمياط ، فالفرقة تزف العريس الذي يسير بالكلوبات في شوارع المدينة ، وكلما مر على مقهى قام " المعلم " بتحيته ووضع مشروب له ( شربات أو كازوزة وأحيانا شاي ) ولمرافقين أثنين له ، ولابد أن يشرب العريس ولو رشفة من المشروب وإلا عد ذلك عيبا وعدم لياقة . حين يصل العريس لأسفل بيت العروس يجلس وحوله الأصدقاء والأهل ويبدأ " شوباش " بمنح الشخص مبلغا ماليا ( جنيه أو خمسة جنيهات ، أو عشرة جنيهات) . يمسك قائد الفرقة بالمبلغ ويحركه شمالا ويمينا ، ويقول : " شوباش . فلان الفلاني ، الرجل العترة ، يحيي أهل العريس وأهل العروسة ويطلب سماع أغنية ... ) وتعزف الفرقة المقطوعات الموسيقية بسرعة ويكتفي غالبا بجزء منها. أشهر أغنيات الخمسينيات والستينيات ، ما يلي " خد البز واسكت .. خد البز ونام" ، " الغارة الجوية " ، شد اللحاف واطفي اللمبة " ، حواس على نص الزمارة " " السلام الملكي " ، وفي السنوات الأخيرة انضمت أغنيات منها " خلي السلاح صاحي " ( مع الإشارة لما توحي به من معان لا تخفى على أحد ) و" ما أخدش العجوز أنا " و" العتبة جزاز " . وفي المدينة انقرضت الفرقة النحاسية ، وما تبقى منها انتقل للأرياف. ( 6) .
* زفة العفش .
في الأسبوع الذي يسبق ليلة الزفاف يقوم أهل العروس بفرش بيت الزوجية ، لهذا كانت تحمل أطقم الموبليات والسجاجيد وكافة المفروشات فوق عربات كارو لتطوف الشوارع والأزقة الواصلة بين بيت العائلة والشقة الجديدة. ما زال معمولا بتلك العادة لكنها تقتصر حاليا على الشرائح الشعبية ، وتستخدم السيارات ربع النقل وتحمل إضافة إلى " العفش " الأجهزة الكهربائية ، ويسبق الزفة موتسيكلات ويكون هناك مسجل يذيع الأغنيات الخاصة بالأفراح . يتفنن أهل العروس في الإكثار من عدد السيارات التي تحمل العفش وكلما زاد العدد دل ذلك على مقدرة أهل العروس ، وتصحب الزفة العروس وأسرتها وتكون " متزوقة " لكن بملابسها العادية ، وفي هذا اليوم لا يسمح لغريب مهما كان بدخول الشقة حتى لا يضع أحد الموتورين ـ او الموتورات ـ " العكس " أو " العمل " ، وهو نوع من السحر الأسود. (7) .
سمير الفيل
22-08-2010, 11:02 AM
* نقطة التنجيد .
تختار أسرة العروس مكانا معينا يكون في الغالب سطح بيت العائلة أوبيت إحدى القريبات لتنجيد فرش العروس من مراتب ومخدات وألحفة وخداديات. يكلف العريس بإحضار " السمك " والفاكهة ، وعلى أهل العروس طبخ الأرز وإحضار المخللات . كي يقدم كغذاء للمنجد ومرافقيه بعد الظهر ، ولا يقبل بأقل من " البوري " أو " القاروص " أو " اللوت " ، وعادة ما يشارك أهل العروس في تناول الطعام مع قريبات العريس ، وبعد انتهاء التنجيد أو خلاله يتم وضع النقوط في صينية أو يقدم سرا لأم العروس ، ويسجل ذلك في دفتر صغير لرده في المناسبات السعيدة. أحيانا تقوم أسرة العروس بذبح "عجل " ، لا يوزع بل يطعم منه المنجد وبقية أهل العروس ويتم ذلك في أحيان قليلة للغاية ، فالسمك المشوي هو الأسرع ولا يشغل أهل العروس عن عملهم في مراقبة المنجد والتعديل عليه. من حق أم العروس تنجيد " لحاف " لها و"مخدة " ، و" مرتبة " ، ولا يسمح لها بأكثر من ذلك . العادة قائمة ومتشرة في كل بيت ، ولو قصّر العريس في إحضار " الزفر " ( يقصد به السمك ) أو جاء بنوع صغير الحجم ( مثل الشبار ) فقد رسب في الاختبار الأول ، وانكمشت أسهمه. لذلك قد يقترض العريس مبلغا من المال ولا يعرض نفسه للوم أو العتاب الصامت ( .
* كشف النقوط.
تكاد هذه الظاهرة تختص بها قرية " كفر البطيخ " التي تحولت منذ سنوات إلى مدينة. النقوط هو نوع من التكافل الاجتماعي وضد الغلاء فيمكن لأي شخص من الذكور أن يتزوج بما يحصل عليه من نقوط . المساهمة تبدأ من 10 جنيها وقد تصل إلى 1000 جنيه. لو وضعت 10 جنيهات فمن حقك أن تحصل على 20 جنيها حين تتزوج أو " تطاهر" الأنجال . قبل يوم النقوط تعلق لافتات في أماكن ظاهرة تحدد اليوم والبيت منها محطة القطار والميادين العامة وبالقريب من البيت وحاليا تستخدم الألوان الفسفورية التي تضيء ليلا . هناك " كشف " للرجال و" كشف " للنساء . الرجل المسئول عن كشف الرجال يأخذ مكافأة قدرها مائة جنيه إلا إذا كان من يقوم بجمع " النقطة" شقيق العريس أو عمه أو خاله. لكن رفعا للحرج يتم اختيار شخص من غير الأقارب. أما السيدة التي تقوم بتجميع نقوط السيدات فتقوم بعملها من قبيل المجاملة.
هناك " ميكروفون" يكرر قبول النقطة ، وفي أحيان قليلة ولأسباب معقدة يتم الإعلان جهارا نهارا عمن تخلف عن السداد ، ويمكن اعتبار ذلك نوع من التجريس.
لا يقتصر جمع النقطة على حالات الزواج بل يمتد لرفع جدار بيت أو شراء سيارة للنقل وفي هذه الحالة ترفع لافتات " طهور الأنجال " كوسيلة للحصول على مبلغ محترم للخروج من الضائقة المالية وهو أمر متعارف عليه ومفهوم . تعرض هذا التقليد الراسخ لانتقادات متعددة لكنه يتواصل بل ويتشعب وينتقل من جيل إلى جيل. ولا يمكن الفكاك منه بتاتا لأن الابن ـ مثلا ـ يحمل إرث الأب الراحل ، وهكذا.
قرية كفر البطيخ التي اشتهرت يوما بالتجارة والزراعة دخلت المنطقة السلفية ، وهي تعزز إلى حد ما الوضع القائم ، ولا فكاك منه رغم أخطاره ؛ فقد تحدث " مناسبات نقوط " تكاد تلتهم مرتب الموظف كاملا ، ولا يمكن لشخص مهما كان ـ عليه نقوط ـ الهروب من الدفع وإلا صار ذلك وسليلة للنبذ الاجتماعي. (9) .
* من مظاهر العيد في " الحوراني " .
في العيد الصغير ( عيد الفطر المبارك) يذهب الأطفال لملاهي القرية ويركبون عربات الكارو ، وينشدون أغاني مفرحة . مدة الركوب عشر دقائق ، بمقابل قدره نصف جنيه . الأولاد والبنات يتنزهون في مراكب تشق النيل بجنيه واحد للفرد وأحيانا تحصل الأسرة على تخفيض . الجميع يرتدي ملابس زاهية ، والبلونات الملونة في أيدي الاطفال ، والزمامير الباغة. من العاب البنات في الساحات القريبة من البيوت " الحجلة " و" نط الحبل " أما الأولاد فيلعبون " ركبت خيولها " و" الكرة بالميس " . تقوم الأسر بزيارة الأقارب ويمنح الأعمام والأخوال عيدية مناسبة من جنيه إلى عشرة جنيهات للطفل حسب القدرة المالية. ويبل الترمس والبليلة والحلبة لتقدم في أطباق فخارية للزوار، وتضع القلل بماء المورد على حواف البلكونات .
في العيد الكبير ( عيد الأضحى المبارك ) يقوم المقتدرون بذبح الأضحية وتوزيعها على الأقارب وفقراء القرية في أكياس التوزيع حسب عدد أفراد الأسرة فلو هناك أسرة مكونة من 3 أفراد تحصل على نصف كيلو ، ولو وصل العدد إلى 5 أفراد فيحصلون على كيلو جرام ، ما زاد عن ذلك تحصل الأسرة على كيلو ونصف . في صباح العيد الكبير تعد أطباق الفتة بالكوارع وتقدم لأهل البيت . وهناك من يفضل تناول " الكرشة " و" الحلويات " وتكون بصلصة الطماطم . أحيانا يصنع البعض الفطير المشلتت بالسمن البلدي . جلود الأضاحي تجمع في بيت معين ويقوم واحد من المسئولين ببيعها في البندر وتوزيع ثمنها على الفقراء وهم معروفون بالاسم ممن فقدوا عائلهم.
هناك مظهر شعبي لكن له بعد ديني هو قيام عدد من الموسرين بشراء " شنط " المدارس ودفع المصروفات وتجهيز ملابس الدراسة على من يحتاج ، وهو أمر يتم في سرية ولا يحدث في العلن حرصا على مشاعر من يتلقى الصدقة.
في حالات الميلاد يذبح خروفين للولد وخروف واحد للبنت ، ولو أن هناك من لا يمتلك ثمن الخراف يتكفل الأقارب بذلك بطريقة المساهمة كل حسب طاقته. في الأفراح يدعى الناس للوليمة. الرجال يأكلون سويا ، وبعد الانتهاء تجلس النساء لتناول حصتهن ، وفي بعض الأحيان يحدث عجز فيكتفي النساء بتناول ما فاض من طعام الرجال ويتم الأمر بسرية تامة. الولائم توضع على طبليات خشبية ويجلس الضيوف على " الحصير" أو " الأكلمة " . أحيانا تكون العروس رقيقة الحال وفي هذه الحالة يتضامن أثرياء القرية لشراء القطن والتنجيد في نفس بيت العروس دون أن يعلم أحد. (10)
* المولد في " السوالم" .
هناك ضريح " الشيح اللاوندي " على بعد كيلومترين من قرية " السوالم " . ينظم له احتفال سنوي لصاحب الضريج وتعد السيارة وفيها يقود " الخليفة " مجموعة الناس للانطلاق من ساحة القرية صوب الضريح. بعض المريدين يمسكون سيوفا من الحديد والبعض يحمل البيارق والبعض الآخر في يده صاجات أو كاسات نحاسية يوقع بها . هناك سيارات كارو ( يجرها حصان أو حمار ) تعرف بالمشهد ، وفيها تمثيل وتشخيص للحرف السائدة والمهن التي من أبرزها " المزين" و" الحداد " و" النجار " و" قاطع الأخشاب " ، وغيره . عادة ما يلعب رجل معين دور المرأة اللعوب وهي تجهز نفسها بمكياج ثقيل . من المشاهد المألوفة من يركب حمار بالمقلوب ، وتجد بعض العربات الكارو تحمل مجموعة من الكلاب والمعيز ، وقد ارتدت ثيابا ملونة مفصلة على مقاسها.
الضريح قديم جدا ، لا يعرف أحد من أنشأه ولا أي معلومات عن صاحبه سوى أنه أحد أقطاب المتصوفة.
الخليفة يرتدي ثيابا أبيض في أبيض ويركب حصانا مطهما وتنتقل الخلافة بالوراثة فمثلا يوجد الشيخ نبيل من نسل الخليفة الأول . البيارق عليها أسماء الخلفاء الأربعة ، وآيات من " القرآن الكريم" وكل طريقة ترفع يافطة باسمها فهناك " الرفاعية " و" الشاذلية " و" البيومية " ، وغيرها. خلف الخليفة يسير صفان من " الذكّيرة " وهم يتطوحون يمينا ويسارا ، وفيما بين الصفين قائد يوجه الذاكرين ، وهم يطلقون عبارة " الله حي " منغمة ومرتبة وبإيقاع موحد . خلف الذكيرة شباب يحملون دوارق فيها شربات أو ماء وليمون أو ماء ورد، وتوزع على من يطلبها لتروي ظمأه . (11)
يوجد منقد كبير فيه " قلاوح ذرة " مشتعلة ، ويلقى فوقها بخور والناس تبسمل وتحوقل. يوجد كذلك طبلة كبيرة جدا ويحمل الرجل كرة مطاط يضرب بها جلد الطبلة في إيقاع منضبط . الزفة تضم الرجال والنساء والأطفال لكن النساء يسرن عادة في المؤخرة. عربات الكارو تجري فوقها " المشاهد" فمثلا يوجد نجار يعاقب الصبي ، وبياع طماطم وكوسة وخيار يغش في الميزان ، ورجل يلبس لبس سيدة يتقصع بصورة ساخرة وينطلق بين الناس ليقرصهم ويتجنب أن يمسك به أحد ثم يعاود الصعود لعربته ضمن " السيارة " مشهد لسلطان وحوله الحاشية . السلطان فوق رأسه طرطور يتصنع الجهامة طول المسيرة ويخاول أهل القرية إضحاكه دون جدوى. لو ضحك يعد فاشلا في دوره.
هذا المشهد كان يجري في " السوالم " منذ حوالي 20 سنة وقد انكمش الآن ولم تعد السيارة تحوي سوى الخليفة والذكيرة وحاملي البيارق ورجال الطرق الصوفية بأوشحتهم الخضراء على الصدر.
في قرية " ميت أبوغالب " القريبة ، يوجد ضريح " الأتربي " وله مولد يقام في موعد مختلف. تسير السيارة حتى تصل الضريح وينزل الخليفة عن حصانه وتنصب سارية طويلة جدا في نهايتها هلال. الساري قد يكون في الأصل شجرة وتم تجهيزها قبل السيارة بأيام وتظل في مكانها حتى العام التالي.
ينصب ذكر العصر ويقوم المشاركين بطابق الذكر ثم ذكر المغرب ويختتم بذكر العشاء .
توجد ليله صغيرة ويحييها شيخ " نص لبة " أما الليلة الكبيرة فيحييها أهم شيخ . يقدم الشيخ الأول المدائح النبوية أما الشيخ الثاني فيحكي قصص منها " سعيد وسعيدة " ، " فتحي وفتحية " ، " صالح وصالحة " .
عن الموت فحدث ولا حرج. الجنازة لا يقل عدد مشيعين فيها عن ثلاث آلاف رجل . بمجرد دفن الميت وقفل باب التربة يقوم ملقن وراء التربة بتلقين الميت ما يقوله عند الحساب . فهو يذكره بالشهادة ويعرفه أصول الرد على أي سؤال يواجهه . " يعني بيغشش الميت كأنه في امتحان " ، وهو وضع مقبول لدى الجميع. بعد الجنازة توجد " المصافحة " (12) وفيها يقف أهل الميت لتلقي التعازي وفي حالة وجود مصافحة تكون الأولوية للأغراب وينادى بالمشهد أن العزاء قاصر على تشييع الجنازة. فإن لم يعلن عن ذلك ـ وهو الشائع ـ فالمأتم واجب ، ولا بد من الذهاب للمأتم ، وإلا كان الشخص مقصرا. ثاني يوم الجنازة يسمى " ثالث الميت " ويتم في اليوم الثاني وليس الثالث ولا أحد يعرف السر في هذه التسمية . أغلب الظن انه موروث أنتقل من جيل إلى جيل وسقطت الأسباب وبقيت العادة. خلال الأسبوع الأول وفي كل جمعة وفي الأربعين يحضر أهل الميت شيخا ويقرأ القرآن بعد صلاة العصر. لا يمكن مخالفة هذه الأعراف بحال .
يوم تشييع الجنازة يقوم أهل القرية جميعهم بتقديم صواني الطعام لأهل الميت وضيوفهم من القرى المجاورة ، وقد يصل عددهم للمئات. (13) .
سمير الفيل
22-08-2010, 11:03 AM
* ليالي الحصاد .
كان كل فلاح في القرية يأحذ أسرته ، ويقيم في الجرن الذي تجرى فيه أو حوله عملية الحصاد وبالتحديد حصاد الأرز. يأخذ الفلاح طعامه ، ويقيم في حجرة مبنية من الطين . تجمع أعواد الأرز بالشرشرة يدويا . يضيء الفلاح الجرن بالكلوب الجاز وزوجته تستخدم في بيتها لمبة 9 ،و لمبة 10 . تجمع الحزم بعد تخليصها مما يمكن أن يكون علق بها ، ويستخدم النورج في عملية درس الأرز.
الجيران يساعدون الفلاح في تنفيض حزم الأرز من الحبوب بعد استخدام النورج. تستخدم بعد ذلك ما كينة خشبية تسمى " الدراية " وهي تتحرك يدويا . يتطاير من خلالها حبوب الأرز ليبقى قش أرز ضعيف على هيئة غبار يسمى " أيشة " . يستفاد من قش الأرز بعد تحزيمه في حزم لاستخدامه في عدة وظائف ، من أهمها وضعه فوق أسطح البيوت المصنوعة من عروق الخشب لحمايتها من المطر . وتستخدم كوقود رخيص في الأفران والكوانين ، ويمكن فرشها على الأرض في المناسبات كالأفراح والعزاء ، ويمكن وضعها كطعام للمواشي بعد خلطها بالدريس ( البرسيم الجاف) .
كانت أسر الفلاحين تعد الطعام مهما كان بسيطا فوق صواني نحاس كبيرة وتجهز إلى جوارها مياه الشرب في قلل فخارية ويا حبذا لو وضعت تحت ظل شجرة لتترطب. الحصاد كان في شهر أبريل ويستمر حوالي شهر.
يخزن الفلاح حاجته من الأرز محمولا على أظهر الحمير إلي مكان التخزين ، ويسمى " مقعد" . ما زاد عن حاجته يوزع جزء منه كصدقات ، أو هبات ، ثم يباع الأرز للتجار والوسطاء ، وكل أردب داخل أجولة .
هذا موسم زواج البنات والأولاد أو سداد ديونه .(14)
* من استخدامات الساقية.
الساقية تجلب الماء لري الأراضي ، لكن كثيرا من الفلاحين كانوا يزرعون حول الساقية أشجار التوت والجميز والنبق والمستكة التي لها رائحة زكية كما تعد فروع الأشجار مظلة طبيعية لا تكلف شيئا. الساقية تصنع من الخشب وكان أهل زمان يعتقدون أن أخذ بعض " السوس " من أخشاب الساقية يعالج كثيرا من الأمراض الجلدية أو التقرحات كذلك يستخدم في طهارة الصبيان.(15).
* الطهارة علنية :
يقوم بالعمل حلاق القرية . يعلن عن موعد طهور الصبي أو جماعة الصبيان، يدعى أهل القرية جميعا عقب صلاة الجمعة . يذهب الحلاق ومعه مساعده أو صبيه ويستعرض أدوات الحلاقة في الساحة القريبة من بيت والد الطفل : المقص والموسى والجلدة . ثم يقوم بالطهارة أمام الناس جميعا والنساء يزغردن بعد انتهاء المسألة من الشبابيك دون الخروج للساحة. العملية كانت تجرى بدون بنج والأطفال يصرخون والكبار يصيحون بكل منهم : " خلاص .. عذابك فات" . توزع على الكبار أكواب الشاي وعلى الأطفال " كرملة " رحيصة. أما الولد " المتطاهر" فيشرب سكر وليمون غير مثلج فهذا يساعد على سرعة التئام الجرح. يقوم الحاضرون بوضع النقطة في يد أو حجر الأب ، ويحصل الحلاق على أجره " حوالي خمسين قرشا " .
بالنسبة للبنات فكانت تجري العملية إحدى نساء الغجر كانت تمضي في شوارع القرية تعلن عن خدمتها " أدق وأطاهر" ولكن طهارة البنات كانت تتم في سرية ودون مظاهر احتفال. أحسن الطهارات تلك التي ترتبط بيوم عاشوراء.(16)
* يوم عاشوراء :
كان يتم التوسعة على الأسرة في هذا اليوم بذبح ذكر بط أو أوزة سمينة أو زوج دجاج ولابد من التوسعة وذكر مناقب أهل البيت. وهناك طبق " عاشوراء " يعرف طريقة تجهيزه عجائز القرية . أحيانا كان يحدث نفس الشيء في عيد الغطاس ولكن بنسبة أقل.(17)
* التقدم لزواج فتاة في " العنانية" :
يبدأ العريس في إرسال أكبر رجال العائلة لأسرة الفتاة المطلوب خطبتها بدون حضور العريس ، وفي نفس الجلسة يتم الموافقة أو الرفض وفي أحيان قليلة تؤجل مسألة القبول أو الرفض للمشاورة ولكن ذلك لا يتعدى الأسبوع بحال.
كان الإتفاق على توزيع الأعباء يتم بسرعة ودون مماطلة. يدفع العريس مهرا ، ويطلب من أهل العروس تجهيز " العفش " و" الفرش " يبدأ المهر بمائة جنيها وينتهي عند 200 جنيها ( هذا في الستينيات) . والجهاز في القرية عبارة عن كنبتين ، وسريرين وعدة كراسي خيزران ، ودولاب بمرآة ( أربعة ضرفة او 2 ضرفة ) ، السرير الخاص بالزوجية من النحاس الأصفر ، وله " شخاليل و" عرائس " من المعدن . تجهز العروس الملابس عند خياطة القرية وكل فستان له ثمنه فمثلا الروب 10 قروش ، قميص النوم 7 قروش ، وهكذا بشرط أن تتحمل العروس " الكلفة " : من داتيلا وستان وزراير وركامة وكباسين (18) .
* ليلة الحنة :
تحضر العروس وصويحباتها بعد التزين . تحضر إحدى النسوة المتخصصات في إعداد الحنة عجينة طرية تجهزها ، وتقوم بنقش كفي العروس وأقاربها وصويحباتها . أحيانا تستخدم الحنة " البلدي " ، ولو الأسرة مبسوطة ماديا تشتري " الحنة الجاوي " . الحنة قد تكون على نفقة العروس وقد يتحمل العريس تكاليفها لو هو أبدى استعداده لذلك. في " ليلة الحنة " تقوم النسوة ظهرا بتقطيع اللحم والخضار وتوضع قطع منه فوق رأس العروسة لتكون أيامها " خضراء " في المساء تجتمع البنات في حلقة للرقص وقد تمتد أيام الحنة لمدة أسبوع. بمجرد رفع الأعلام على البيت والنواصي . أحيانا كان أهل العروس يأتون بشاعر ربابة من الجمالية أو المطرية حيث صيتهم ذائع ، وكانوا يقدمون مقاطع مختارة من " السيرة الهلالية " وكان أثرياء القرية ووجهائها يحضرون حصان للرقص على نغمات الناي و الدفوف . في ليلة الحنة تتبارى الفتيات في إظهار مهارتهن في الرقص وسط تصفيق الأكف والفتاة الأكثر براعة تكون مرشحة لعريس جاهز حيث تستخدم ليلة الحنة في معرفة البنات اللائي هن " على وش زواج" ( 19).
* مراكب للأفراح:
بلدة العنانية قريبة من بحيرة المنزلة ، قد تحدث نوات شتاء فتعطل الأفراح ، ولو كان هناك قريب يمتلك مركب صيد ليست في حالة سروح ، يستعين أهل العروس بالمركب الشراعية في الزفة . حيث تجلس فرقة " المزيكا النحاسية " في مقاعد مثبتة أول المركب وتزين الكوشة وفيها تجلس العروس مع عروسها وتقدم تحية للضيوف وتدور المركب حوالي ساعة ثم تقدم التحية لمن يركب والتحية في الغالب شربات بلونه الأحمر . وقد يؤجل توزيع التحية لحين الهبوط للبر . الأعلام الشائعة في الخمسينيات والستينيات هي أعلام مصر الملكية القديمة حيث نشاهد رقعة خضراء وداخلها هلال وثلاثة نجوم ، وأحيانا تكون المناديل " الأعلام " بلون أحمر. غير معترف حتى وقت قريب بالأعلام الحديثة ( يسمونها أعلام التحرير) . (20)
* فض الخصومات:
عند حدوث مشكلة بين شخصين أو بين عائلة وعائلة أخرى تقوم جماعة من علية القوم ( الوجهاء ) بمحاولة الصلح بعد استعراض أسباب المشكلة . أحيانا يقوم المجلس بتغريم أحد الخصمين أو كلاهما مبالغ محددة ، وفي حالة انتهاء الجلسة على خير يقبل كل طرف رأس الطرف الآخر . في المساء وبعد صلاة العشاء يجتمع الطرفان مع من شاء من أهل القرية لشرب الشاي والمسامرة . يحضر العمدة وشيخ البلد وشيخ الخفر . وفي حضورالعمدة مباركة للصلح وتوثيق له. كلما حلت مشاكل القرية دون تدخل غرباء دل ذلك على وجود " كبير " للبلد أو " كبار " ممن يمتلكون الحكمة والإقناع وفي الغالب يكون هؤلاء من خريجي الأزهر أو من الأعيان. ( 21) .
* بيت العمدة :
للعمدة دوار كبير ، وبيت العمدة فيه " سلاحليك" ، فيه بنادق الغفر التي لا يستلمونها إلا ليلا ويسلمونها في الصباح، كما يوجد تليفون " ميري " يعمل ب"المانفيلا" ، ويتصل غالبا بالنقطة حال وقوع حـادث أو إخبار المأمور بأي معلومات تريدها الحكومة .
العمدة غالبا من عائلة كبيرة ولابد أن يكون له أرض يزرعها أولاده أو أقاربه أو المستأجرون . تقلب منصب العمدة في قرية العنانية بين عائلات عديدة ، وكانوا مثال الحكمة وبعد النظر ، منهم عمدة من عائلة " البيومي " وبعده عائلة " أبوجلالة " ، ثم عائلة " أبواسماعيل " . العمدة لابد أن يكون له هيبة ، وكلامه مسموع وعنده " مضيفة " لاستقبال الضيوف ، وربما يكون نومهم بها لو كانوا في مهمة رسمية كعمال المساحة أو مهندس الري أو واعظ شهير ، وغير ذلك . ( 22) .
سمير الفيل
22-08-2010, 11:04 AM
* الداية :
هي المولدة التي تقوم بتوليد النساء الحوامل. كان لها كرسي مشهور هو " كرسي الولادة " عبارة عن كرسي صغير ككرسي الحمام لكنه أكبر ، فهو منجد من ثلاث نواحي ، وله ظهر وجانبين ، ومعنى وجود هذا الكرسي أمام بيت ما في فارسكور معناه وجود حالة وضع.
مهمة الداية مباشرة وضع السيدة ، وقطع الخلاص ، وإفاقة المولود بضربه ضربات رفيقة على ظهره أو فخذيه. وهي محل حفاوة من الجميع خاصة إذا كان المولود ذكرا. تظل تباشر خدمة الأم حتى أنها تحضر السبوع ويكون لها أجر معلوم يختلف باختلاف مستوى معيشة أسرة المرأة التي تضع.
الداية توجه نصائح للأم ، وكيفية العناية به خاصة إذا كان الطفل هو المولود الأول ، وقد تدلك الداية الحلمتين لجريان اللبن.(23)
* السبوع في فارسكور:
في اليوم السابع من الميلاد يوضع الطفل في غربال ، وتمسك به جدة الطفل أو إحدى الخالات وتنزل به السلالم والأطفال بيدهم الشموع مضاءة، يرش الملح على الجميع ويطلق البخور . محظور على الأطفال في اليومين الأولين دخول حجرة المولود حتى لا يصاب بحول في عينيه ، وهو اعتقاد شائع جدا. بعد الميلاد يقوم أب الطفل بتجديد فرش البيت وإحضار ملابس جديدة للأسرة وإذا كان المولود ذكرا يعم الخير على أولاد الخال والعم. تمر الأم حاملة المولود من فوق المنقد مع البسملات المعتادة. ( 24) .
* موالد فارسكور:
يوجد في فارسكور وما حولها حوالي 20 مقاما من أشهرها مقام " السخاوي " ، والاحتفال عبارة عن مرور سيارة تضم أعلام وبيارق الطرق الصوفية مع وجود طوابير الذكر للرجال فقط ، ومجموعة من حاملي السيوف والخناجر ومنهم من يضع لعابه بإصبعه على خده ليمر السيف من خد إلى الخد الآخر دون سقوط نقطة دم . يرتبط المولد بطهور الصبيان ، فهذا نوع من البركة ، كان المتصوفة يمشون " يفقرون " أي يميلون بأجسادهم بشدة شمالا ويمينا ، وكلهم في نفس الاتجاه وبعضهم يفعل ذلك مغمض الأعين. كان يعلن قبل الاحتفال بيوم عن السيارة ، وتقوم غالبا من أمام مركز الشرطة كما يقوم أصحاب كل حرفة بإعداد عربة يقودها حصان وفوقها المعلم وبعض الصبية ، ومن اهم المهن: الحداد ، النجار ، الحلاق ، المبخراتي ، مربي الكلاب ، الرجل في زي أمراة .
كان زي العساكر في هذا العصر موحد ( زمن الأربعينات ) ، عبارة عن بدلة صفراء وعلى الوسط حزام أسود عريض وفوق الرأس كاب بنفس اللون الأصفر. كان العساكر يعتبرون هذا يوم : بحبحة " حيث يحصلون قبل سيرهم أو بعده على إكراميات من الأعيان . وهم جزء أساسي من العرض ، وفيما بعد أضيف للسيارة عربات المطافيء والإسعاف والإنقاذ النهري . ( 25) .
* فرق المغاني :
كان الهدف من فرق المغاني إحداث البهجة في النفوس ، وكان يعلن مقدما عن قدوم فرقة بعينها فيتقاطر الشباب من القرى القريبة لمشاهدة فقرات الرقص والغناء . الأفراح كانت تقام في الشوارع حيث تنصب خشبة مسرحية يتم فوقها الفقرات ومن أشهر " المغاني " نجد " فاطمة سماحة " ، ومن دمياط تأتي " إنشراح " ومن المنصورة " الحاجة بسبس " التي نازعتهم السلطان. أغلب الأفراح كانت تبدأ هادئة وحين تظهر الراقصة تغمز لهذا وتشاور لذاك فتنشب في الحال مشاجرات يفشل الكبار في فضها. وكانت المطربات أو المغاني يقمن بحركات شبه جنسية فيها يتأود الجسد مع وجود بدلة الرقص الشرقية " الكاشفة " ، و" المخرمة " ، وقد يصعد بعض الشباب لمشاركة الراقصة فقرتها لكن عليه قبل الرقص وضع نقطة مناسبة . (26) .
* زفة العريس في فارسكور:
تقوم فرقة المزيكا النحاسية بزف العريس ويكون لابسا جلبابا جديدا لو أنه من الفلاحين فإن كان من الموظفين فهو يرتدي بدلة ، وحوليه مرافقين يقودونه في شوارع المدينة ، وتتبارى المقاهي في تقديم مشروب للعريس ومرافقيه دون تقاضي أجر؛ فهي تحية معروفة. عند بيت العروس تجلس الفرقة لتعزف مقطوعاتها ، ويسمح بالنقطة ويجمعها قائد الفرقة بنفسه . وكان هناك أحيانا من يمضي بالكراسي وراء العريس ليجلس في أماكن أخرى غير المقاهي ربما ليلتقط الأنفاس . ولم يكن مسموحا بشرب الشيشة أو الجوزة فهذا لا يليق . لكن يتم " شرب الحشيش " فيما بعد ، مع خاصته أو أخلص أصحابه. ويتم تلقين العريس واجباته الزوجية في جلسة ضيقة مع المبالغة في إظهار الفحولة من أصدقاء العريس ممن سبقوه لدخول قفص الزوجية. ( 27) .
* فك المربوط :
انتشرت ظاهرة " ربط العريس " ليلة الدخلة ، وكان من المتعارف عليه ذهاب العريس لشيخ معين لفك العمل وغالبا ما تنجح الوصفات في ذلك. وكانت الزوجات يقمن في مناسبات أخرى بالاتفاق على تجهيز " عمل سفلي " يمنع الزوج من الاقتران بإمراة أخرى ، مع دفع مبالغ معلومة ، والإتيان بما يطلبه الأسياد من بط وحمام وسمان ودجاج.
يذهب الناس إلى " سيف الدين " فشيوخها بارعون في الأعمال وكان الشيخ يأخذ " الأثر " وبمعرفة اسم الأم يكون العمل فعالا. يوضع العمل تحت السرير أو تحت المخدة لو أن من جهزه الزوج أو الزوجة. أما لوأن من جهز العمل غريب فيقوم برمي العمل على العتبة ومن مظاهره رش ماء مقروء عليه على العتبة خاصة ليلة الجمعة . الأعمال وفكها ظلت ملازمة للمجتمع الفارسكوري لفترة طويلة ، ومع تقدم الطب تقلصت إلى حد كبير وإن بقيت ذيول لها في بعض القرى البعيدة عن المركز . (28) .
* الصوفة:
عندما يفشل الزوج في مباشرة الزوجة يذهب للشيخ لفك العمل . وكان أشهر شيخ في الناحية ممن عرف بقدراته الخارقة الشيخ " مسعد زبادي " من مدينة السرو. والغريب أنه كان يذهب إليه كثير من أهل السياسة والخكم.بعد أن يحصل على " النولون" . كان للشيخ حجرة مظلمة لا يدخلها غيره وصاحب الحاجة ، وفيها يتم العلاج المكروب .
عند عدم الإنجاب تقوم المرأة ـ غالبا بصحبة أمها فقط ـ بزيارة الشيخ سرا ومن الوصفات العجيبة " الصوفة " ؛ يكون هناك ضعف في الرجل أو مشكلة ما في كيسه ( خصيتيه) فيحصل الشيخ على " مني " رجل آخر ويضعه بالصوفة ، وبدون علم المرأة تضع الصوفة في رحمها فيحدث الحمل غالبا وبذلك يتلقى الزوج التهاني على قدرته على الإنجاب بينما الطفل من صلب رجل آخر. أعتقد أن الأمهات العجائز كن يعلمن بسر " الصوفة " لكن العروس تغيب عنها معرفة طريقة العلاج فتفرح بالإنجاب المعيب . وإلى عهد قريب كان سر الصوفة خفيا ويعمل بها على نطاق واسع ( 29) .
* طرق الزواج في الخمسينيات بفارسكور:
مر الزواج بفارسكور بمرحلتين. الأولى : كانت الأسرة تختار لابنها العروس المناسبة وغالبا ما ينصاع العريس لهذا الاختيار الذي يقوم به الحريم من خلال زيارة البيوتات.
الثاني : بعد انتشار التعليم وزيادة الوعي و" البحبحة " في المعيشة . كان الشاب يختار عروسه إذا ما رآها بالصدفة في السوق أو قادمة من البندر أو ذهابها للمستشفى وغير ذلك فيتتبعها ويعرف بيتها ، ويظل لأيام يمر من تحت الشباك ليلفت نظرها فإذا لاحظت ذلك وبان عليها القبول بابتسامة ولو بسيطة فهذا معناه القبول. في هذه الحالة يرسل أقاربه من النساء لطرح المسألة فإذا وجد موافقة صريحة يبدأ الرجال في اتخاذ خطوات عملية للإقدام على الارتباط.
كان العبء الأكبر يقع على أسرة الزوجة فهي تحصل على مهر لا يزيد عن مائة وخمسون جنيها ، وتقوم بتجهيزها . تشتري الأطقم الثلاثة : نوم ، وسفرة، وصالون. ناهيك عن السجاد ، والستائر ، والقطن، والصيني .
حاليا انقلبت الآية وصار العريس هو الذي يتحمل حجرتين وكل الأجهزة الكهربية فيما تختص العروس بالصيني والسجاد والمفروشات.
في الخمسينيات ظهرت قضية كبرى : هل يصح أن يتزوج الموظف موظفة؟ كان هذا هو الحديث الأكثر إلحاحا بعد خروج المرأة للعمل. والغريب أن بعض الأسر في الريف لم تكن تسمح بزواج ابنتها قبل الاشتراط على العريس بحصول الأب على نصف الراتب الشهري وأحيانا كان العريس يوقع شيكات بذلك ضمانا للحقوق وحتى لا يرجع " العريس " في كلامه. ( 30) .
* الضمة :
كانت فرقة الضمة تتكون من شباب متقارب في السن ( من 20 إلى 30 سنة ) ، والضمة متحركة أو راكبة أو مستقرة. يستخدم أعضاء الفرقة " الطبلة " و" الطار " و" المثلثات" . يصنعون إيقاعاتهم ، ويغنون على النغمات. يكون وقوفهم فوق عربة كارو ذات حصان ، وقد تزينت بسعف النحيل والأعلام الخضراء والحمراء ويركب على العربة صندوق خشبي ارتفاعه متر ، مفتوح من أعلى ويتسع لمجموعة شباب بمساحة العربة. يلوح المنشد بعصاه وقد حزم نفسه بتلفيعة ، وعلى رأسه طاقية بيضاء ويشمر عن ذراعيه وسرعان ما يتغير الإيقاع ويتخذ نغما أكثر سرعة ، وأعنف. ومن أغنيات الافتتاح
" اللي يصلي على النبي .. له قصر في الجنة عجب" .
وتسير العربة والشباب يردد الغناء ويزيدون عليه، تبدأ الضمة في السير في طرقات الحارة ، مكونة رتل من عربات الكارو مزينة جميعها وفوقها شباب الحي وفي مقدمتها عربة المنشد . وحين تمر على المقاهي يقف الزبائن احتراما وتشجيعا وتحية. ويتعالى الغناء :
" قناديلو ضامم مناديلو..
.. وحياتك ضامم مناديله " .
وتتجه الضمة لناحية " شطا " ، حيث تتجمع العربات من كل حارة ، حيث تميزها أعلامها وأناشيدها ، فهؤلاء من المنشية أو الشهابية أو معري . تمضي ساعة أو أكثر حتى تتجمع تلك الضمم في ساحة واسعة حول مقام " سيدي شطا " ، وفي الغالب ينزل الشباب من عرباتهم ، يتحدون منافسيهم من الحواري الأخرى وتنشب المشاجرات.
مع العصر أو بعده بقليل تعود القافلة المجهدة . إنها لابد أن تعود عزيزة الجانب ، ظاهرة القوة ، ويتمثل ذلك في أناشيد العودة ، ومنها :
" سالمة يا سالامة ..
رحنا وجينا بالسلامة" ..
وتتغير النغمة تماما :
" يا محني ديل العصفورة
(المنشية ) هي المنصورة " ..
وتتغير المنشية إلى الشهابية أو الشرباصي أو حارة معري حسب الجهة القادم منها العربات. وحين تدخل العربات الحارة تشاع بطولات شباب الحتة ، وتخترع بطولات أغلبها وهمي . وهناك ضمة خاصة بختان طفل أو وفاء بنذر ، وقد انقرضت " الضمة " الدمياطي ، ولم يعد لها أي أثر في العهد الراهن ( 31)
سمير الفيل
22-08-2010, 11:06 AM
* وظيفة الحلاق . وظيفة العمدة . وأمور أخرى:
كان الحلاق يلعب دورا مؤثرا في حياة كل أسرة ؛ فإليه يرجعون في المشاكل الطبية البسيطة كالصداع وعلاج المغص وعدم الانتصاب وغيرها من مشاكل صحية . لكن الحلاق كان يقوم بطهارة الصبيان وكانت الحرفة تنتقل من الأب إلى الابن وهكذا. وفي يوم الطهور توزع أطباق الأرز واللبن ، او أكواب القرفة وأحيانا في الصيف يوزع مشروب السوبية والتمرهندي.
كان حلاق الصحة يحصل على أجر لقاء خدماته وله تقديرواحترام كبيرين. تبدد ذلك تماما بعد انتشار المراكز الطبية ولم يعد له عمل غير الحلاقة وضرب الحقن.
أما العمدة فكان له صولة وجولة ، ويقال أن الفلاح إذا كان راكبا حماره ومر أمام بيت العمدة فعليه الترجل حتى ينتهي من المرور دلالة على التوقير والاحترام. من أشهر العمد في فارسكور " أخمد الحلاوني " هذا العمدة كان يرتدي جبة وقفطان ويضع عمامة على رأسه . مقر العمدة يضم أسطبلا للخيول ودوار واسع ومضيفة وتليفون أسود كبير ويقوم الغفر بحراسة المدينة ليلا . كان أغلب العمد لهم صالة بعائلة داود.
أشهر عائلات فارسكور العريقة ، عائلة " قرين" و" الرشيدي " و" الهلالي " والأخيرة لها مصنع حلوى شهير. وكان الهلالي مركز لشحن بطاريات الراديو لقاء ثمن زهيد. كان من المألوف في الخمسينيات أن تجد حلقات من البشر تجلس أمام الدوار للاستماع لتمثيلايات الراديو وأغانيه وأخباره . لم يكن الراديو متيسرا لكل البيوت ، إذ كانت عليه ضريبة سنوية ، وكان يغني عن الصحف والمجلات. (32) .
* تغيرات في الخريطة الاجتماعية:
لم تعد الأفراح تقام أمام البيوت بل في النوادي المجهزة لذلك. اختفت فرق العوالم وظهرت فرق ال" دي جي " . شاركت الفتيات في الأنشطة الثقافية والفنية ولم يعد عيبا أن يحدث الشاب فتاة في الطريق ، وهي تبادله الحديث. في الغالب يتفق الشاب والفتاة على فكرة الزواج ثم يرسل أهله لإجراء مراسم الزواج. انتشرت في نفس الوقت ظاهرة الطلاق ولها أسباب اقتصادية أو اجتماعية وثقافية معقدة . لم يعد الزواج بأكثر من أمراة قائما إلا في نطاق ضيق للغاية .
كانت الوجبة الرئيسية في فارسكور هي وجبة العشاء وذلك لأن الرجال يعودون لبيوتهم متعبين فكان إعداد الطعام في الخامسة أو السادسة مساء . انتهت هذه العادة وصارت الوجبة الرئيسية هي وجبة الغذاء أسوة بما يحدث في المدينة.
الفول والعدس واللوبيا والفاصوليا مع الأرز هي الوجبات الشائعة ( تسمى أرديحي ) ، وينضم لها اللحم والدجاج كل جمعة أو جمعتين. حاليا صار الطعام خلال أسبوع لا يخلو من دجاج ولحم وأسماك. و" التفليتة " مرة واحدة كل أسبوعين.
أقرب القرى ارتباطا بفارسكور هي قرية " الطرحة " ، ففيها أخوال ضياء الدين داود ، وبسبب ارتباطها بالعمودية . لم أجد بلدا يتباهى بنفسه مثل مدينة دمياط فهم يعتبرون أنفسهم أصحاب الدم الأزرق ، ولا يسمحون بتولي قيادة من الريف إحدي الأجهزة الرسمية . وفي الحقيقة أن هذا شأن أغلب عواصم المحافظات التي تنظر للمراكز والقرى الصغيرة نظرة معناها أنها أقل منها مرتبة ( 33) .
* تقاليد صناعة الموبليات في " الشعراء" :
تتميز " الشعراء " بأنها المنطقة الصناعية الأولى على مستوى قرى المحافظة المصنعة للموبليات. حيث تتركز فيها العمالة الماهرة ، وتنتشر الحرف المكملة للصناعة من نجارين واسترجية ومذهباتية ومرتكليه وأويمجية ، وقطع رخام ، ومنجدين .
وهي من أهم أسواق الموبليات بدمياط لرخص الأسعار حيث أن كل من يدخل المهنة تكون له ورشته الخاصة به ، يقوم بالعمل فيها ، مع عرض بضاعته بجوار الورشة فلا ترتفع الأسعار نتيجة وجود وسيط هو صاحب المعرض . في الغالب تقع الورشة أسفل المنزل ويقوم المعلم بتربية أولاده منذ الصغر على " شرب " أسرار الحرفة من تصميم الأطقم إلى تقطيع الخشب إلى ضبط الزوايا إلى اللصق بالغراء لتجميع القطع وإرسالها لورش الطلاء .
إنها مهنة تتوارثها الأجيال ، وكل جيل يضيف الجديد ، وتكون له تصميماته وأسراره الخاصة. يقوم الأب بإعطاء الابن أجره كل أسبوع على سبيل التحفيز، واليوم الذي لا يشتغل فيه الابن لا يحصل على أجر. يتدرج الابن من صبي صغير إلى عامل مساعد إلى عامل صنايعي ثم تدريجيا يحل محل الأب .
يمكن للصنايعي أن ينتقل من ورشة إلى أخرى فهذه حريته الشخصية ، ولكن يشترط سماح المعلم القديم وإلا عـُـد ذلك تعديا على الأصول.
اليومية سنة 2010 كالتالي : العامل الصنايعي الأسطى يتقاضي يوميا من 60 إلى 70 جنيها. الصنايعي المتدرب يحصل على مبلغ من 30 إلى 40 جنيها يوميا. أما الصبي فيحصل على مبلغ يتراوح بين 30 إلى 50 جنيها في الأسبوع ، ويكون " القبض " آخر يوم الخميس.
من مهام الصبي ترويق الورشة ، و شراء " المون" ، وخدمة عمال الورشة بإحضار الشاي والقهوة ، وقد يكلف بأعمال بسيطة كمسمرة قطع خشب أو تغرية قطع أخرى أو برد سطح قطع من الأطقم مع إشراف من العامل المتدرب.
إذا مرض الصنايعي مرضا شديدا أو متوسطا يتجمع أهل المنطقة لمعرفة احتياجاته وتدبيرها فيما بينهم ، ويتم الأمر بصورة سرية ولا يعرف العامل الصنايعي أسماء من ساهم في تخليصه من ضائقته .
عند زواج الصنايعي فإن المعلم صاحب الورشة يقوم بمساعدته على سبيل المجاملة فيعفيه من ثمن الدهان أو تكاليف النقل ، وغالبا ما يخفض ثمن الحجرة فالطقم الذي ثمنه 5000 جنيها يبيعه له ب4000 جنيها ، وقد يتم الخصم بالتقسيط من أجره اليومي أو الأسبوعي حسب الاتفاق.
إذا كان الصنايعي نجارا ويعمل منذ سنوات طويلة فقد يقتسم المعلم ثمن الأطقم مع الصنايعي كأنه ابنه أو شقيقه. وتكون المصنعية " عمولة " أي دقيقة ومتينة.
مهنة الموبيليات لا يعمل بها سوى الرجال ، فهي مهنة شاقة ، وحتى حرفة " الأويمجية " التي تعتمد على الحس الجمالي لا يعمل بها سوى الذكور ، أما الفتيات فيعملن في معارض الموبليات في المدينة ويحصلن على مرتب أسبوعي ، وتفضل الفتيات الريفيات لرخص أجرهن وقدرتهن على القيام بعمليات التنظيف ، نلك التي تمتنع عنه فتيات المدينة . ( 34) .
* عادات وتقاليد في " عزبة البرج" (35) :
ـ قرية عزبة البرج تطل على كل من نهر النيل والبحر المتوسط ، وتمتلك ثلثي أسطول الصيد المصري ، وأغلب أهلها يعملون بالصيد في داخل البلاد وخارجها ومنهم شباب هاجروا لليونان وإيطاليا لامتهان نفس الحرفة. تحولت منذ سنوات إلى مدينة.
ـ المركب الجديدة تدشن ويقام لها احتفال ، وذلك بوضعها على " القزق " وهي طاولة خشبية تسمح بانزلاقها في النيل بسهولة . يتم بعد ذلك توزيع الشربات على الحاضرين ، وتقوم بحمل الأصدقاء وأهل الحرفة للركوب والوصول إلى البوغاز ثم العودة . خفر السواحل لا يتدخل في هذه الرحلة التجريبية ، ولا يقوم باعتراض طريق المركب .
ـ جهاز العروس لا يذهب لبيتها سرا بل لابد أن يحمل في عربات كارو ليطوف بكافة الحارات الواقعة بين بيت أهل العروسة والبيت الجديد ، ويصاحب " الجهاز " فرقة نحاسية.
ـ العزبة لا يوجد بها إلا القليل من المقامات و الأضرحة ، وربما يعود ذلك لانشغال السكان برحلات الصيد .
ـ كان يوجد " الزار " وترتاده النسوة لعلاج المشكلات النفسية والجسدية ، ومن أهم المشاكل غياب الزوج لأشهر ، وعدم الإنجاب ، وركوب " الجن " جسد بعض النسوة. اختفت الظاهرة حاليا.
ـ فك العمل شيء أساسي في حياة القرية ، وهو جزء من ثقافة الناس وفي بعض الحالات يفتح المندل باستخدام طفل صغير لم يبلغ الحلم ، وذلك للبحث عن شيء ضائع او لاكتشاف سارق ، وغيرها من امور حياتية .
ـ كانت هناك طريقة شهيرة هي الكتابة بالحبر الأحمر على أطباق من الصيني ، ويصب فيها ماء طاهر يشربه المكروب ، والكتابة تعالج الكثير من الأمراض ومن أشهر من كان يمارس هذه المسألة الحاج " أحمد التوارجي " .
ـ كان من الشائع أن الحشيش له قدرة على زيادة القوة الجنسية ، لذا انتشر وتوسع فيه الناس حتى جاءت العقاقير الطبية فتخلص منه البعض . من تلك العقاقير الجديدة " الفياجرا" .
ـ في مسألة الزواج يقوم العريس بدفع مهر محدد ، ويقوم أهل العروس بتجهيز فتاتهم . تحضر العروس العفش والستائر والسجاجيد والصيني فيما يجهز العريس الشقة ، وبعض اللوازم الأخرى . حاليا لا يدفع مهر ويتم اقتسام الأثاث على أسرتي العريس والعروس.
ـ أيام زمان وخلال موسم صيد السردين ، كان الإفطار والغذاء والعشاء من السردين . كانت طرقة تمليحه عجيبة ، فقبل موسم الفيضان يأتي الحداد ليصنع " شنابر " البراميل الخشبية ، حيث تجهز ، وطريقة تجهيزها هو أن يتم حفن مياه الفيضان القادمة من الجنوب ، لتملأ البراميل وما يحدث هو أن الطمي يسد الثقوب ويملأ الفتحات بين العوارض الخشبية ، بعد ساعات يقل مستوى الماء في البراميل . في اليوم التالي تكرر المسألة وتحفن مياه النيل وهكذا حتى يستقر الماء ولا ينزل وهذا معناه سد كل الشقوق والفواصل ، عندها يكون البرميل مهيئا لتعبئة السردين ووضع الملح به في طبقات . البرميل الكبير يستوعب من مائة إلى مائة وعشرة أقة ( لم يكن وحدة الكيلوجرام هي السائدة ) .استمر ذلك حتى سنة 1964 وبعدها لم يعد يأتي الفيضان بعد احتجاز السد العالي للماء . كان ثمن الأقة من قرشين وحتى أربعة قروش .
ـ السمات الاجتماعية لهذه الفترة الزمنية : كان هناك جو من المودة بين الناس ومسألة احترام الكبير ، ومن يحترم هو الرجل الحكيم بغض النظر عن ثرائه أوفقره. كان يوجد احترام للشخص المتعلم ، وكان قليلا بل نادرا. من مظاهر المودة أن أي أسرة تقوم بطبخ أطعمة كالمحشي أو البامية أو الخبيزة يقوم بتجهيز أطباق صغيرة ، وإرسالها إلى الجيران ، وهم يفعلون نفس الشيء وهو مظهر من مظاهر التواد والتحاب . كما أن شهر رمضان وقرب نهايته يحدث فيه تبادل أطباق الكعك والبسكويت والسفوفية والقرصة والغريبة وغيرها. حاليا نجد أن أغلب الأسر تشتري احتياجاتها جاهزة .
ـ كانت توجد كتاتيب لتحفيظ القرآن وتعليم القراءة والكتاب
وهو أن تعمل المحال الحرفية ( مثل صناعة الأحذية ) بنصف جهد ولنصف الوقت في يوم السبت. وقد عاش الباحث نفسه هذه العادة ومارسها خلال عمله في ورش صناعة الأحذية ( حرف المفصلجي والمكنجي والجزمجي) ، وفيها تفتح كل ورشة أبوابها ولكن نصف فتحة ، وتنتج أقل مما تنتجه يوميا ، ولما كان يوم الجمعة هو يوم العطلة الرسمية ومن الطبيعي السروح للشغل في السابعة صباحا كبقية أيام الأسبوع إلا أن الذهاب للعمل يوم السبت يكون متأخرا فيبدأ في الساعة الثانية عشرة تقريبا.
وبسؤال كبار السن أرجعوا العادة إلى وجود عدد من اليهود في مصيف رأس البر في الأربعينيات من القرن الماضي ( فندق مارين فؤاد ) ،وعنهم نقلها أرباب الحرف ، وظلت سارية في الثلاثينيات والأربعينيات والخمسينيات حتى منتصف الستينيات وفي الزمن الحاضر أختفت أو تكاد. كان صاحب العمل يقول لعماله " سنسبت بكرة " ، ويمنحهم أجر نصف يوم ومن مظاهر " التسبيت " العمل ببطء والحركة بمقدار والتراخي عكس كل أيام الأسبوع.(1)
* سبوع المولود .
في الليلة السابعة لوضع الأم مولودها يتجمع النساء في بيت المولود أو المولودة. يتم وضع سبعه حبوب في غربال كبير والسبع حبوب متنوعة كالقمح والشعير والفول والذرة والعدس والفاصوليا ، والأرز. وتضاء الشموع فوق رأس المولود. وفي المسافة الزمنية بين المغرب والعشاء يحمل المولود بين ذراعي العمة أو الخالة او إحدى القريبات ، ويتم نزولها بالطفل درجات السلم . هي تغني وبقية النسوة ورائها ، يصفقن . " اسم الله عليه .. اسم الله عليه. جبنا المولود . والبركة فيه" وينثر الملح فوق الرؤوس ، ويصعد بالمولود ليوضع في سرير الأم فيما يعد منقد فوقه البخور وتخطي الأم النفساء على المنقد سبع مرات ، كما يدق الهون ، ويوشوش في أذن المولود بعبارات مرحة : " أسمع كلام أمك .. ما تسمعش كلام أبوك" وغيرها من عبارات يصحبها " زيطة " ويحمل الأطفال الصغار الشموع بلا استثناء . (2)
* ليلة الحنة
وهي مخصصة لإضفاء السعادة على العروس . ليلة الحنة تسبق ليلة الزفاف مباشرة ، ولا يحضرها أي ذكر ، تستحم العروس وتقعد في كرسي مشغول بالورود والفل والريحان والياسمين. تحني العروس أيديها وأقدامها وتنقش بحنة " جاوي " . ويتم الرقص والغناء بأغان شعبية والعروس تشارك بالتصفقيق لكنها لا ترقص عادة ، وفي حالة دخول طفل ولو كان صغيرا يتم طرده ، ولو تمثيلا ، باعتباره ينتمي لجنس الذكور. ولا توضع نقطــــة (3) .
* فرخة الإتفاق
يضع أهل العروس (الحلة ) تحت سرير الزوجية ، وذلك ليلة الدخلة ، وقد تشمل واحدة من أصناف الطعام التالية : " بطة مرجان " ، " زوجين حمام بالفريك " ، " دجاجة " ، وكلها مطهية وبجوارها تصف الأطباق. لها بعد مادي لرفع أسهم الزوجة باعتبار أهلها " ناس شبعانين " وابنتهم ليست بحاجة للطعام فهو موجود بوفرة. وللعادة بعد معنوي يتمثل في أن هذه الزوجة بنت ناس وتحتاج لهذه الأصناف في حياتها لكن البعد الخفي هو تعويض العريس والعروس على ما يبذلاه من جهد ليلة الدخلة . ولا زالت حلة الإتفاق سارية حتى وإن وضع الطعام في الثلاجة. (4) .
* تبديل الأثواب .
في ليلة الفرح ، ويكون عادة في أحد الكازينوهات أو دور السينما أو في بيت العروس . تدعى فرقة للغناء ولعزف الموسيقي. بين كل وصلة غنائية وأخرى تنهض العروس لتغيير ثوبها وارتداء ثوب آخر ، وغالبا ما تبدأ بالثوب الأبيض التقليدي ، بعدها ترتدي أثواب بألوان مبهجة ، وتفصيلات مختلفة حوالي 5 أو 7 مرات بحيث يكون العدد فرديا. حسب طاقة أهل العروس . السبب في هذا التقليد الإشارة إلى كون أهل العروس قادرين على كسوة ابنتهم ، وهناك سبب آخر يتمثل في إظهار جمال العروس والرد ببيان عملي على العوازل.
وربما كانت مسألة تبديل الأثواب ـ التي كادت تختفي حاليا ـ نوع من إظهار مدى ثراء العروس وفي الخمسينيات كان يقوم بها الفقراء لكن في حدود ثلاث مرات لا أكثر. (5).
* شوباش .
ترتبط تلك الظاهرة بالموسيقى النحاسية ، وكانت منتشرة في مدينة دمياط ، فالفرقة تزف العريس الذي يسير بالكلوبات في شوارع المدينة ، وكلما مر على مقهى قام " المعلم " بتحيته ووضع مشروب له ( شربات أو كازوزة وأحيانا شاي ) ولمرافقين أثنين له ، ولابد أن يشرب العريس ولو رشفة من المشروب وإلا عد ذلك عيبا وعدم لياقة . حين يصل العريس لأسفل بيت العروس يجلس وحوله الأصدقاء والأهل ويبدأ " شوباش " بمنح الشخص مبلغا ماليا ( جنيه أو خمسة جنيهات ، أو عشرة جنيهات) . يمسك قائد الفرقة بالمبلغ ويحركه شمالا ويمينا ، ويقول : " شوباش . فلان الفلاني ، الرجل العترة ، يحيي أهل العريس وأهل العروسة ويطلب سماع أغنية ... ) وتعزف الفرقة المقطوعات الموسيقية بسرعة ويكتفي غالبا بجزء منها. أشهر أغنيات الخمسينيات والستينيات ، ما يلي " خد البز واسكت .. خد البز ونام" ، " الغارة الجوية " ، شد اللحاف واطفي اللمبة " ، حواس على نص الزمارة " " السلام الملكي " ، وفي السنوات الأخيرة انضمت أغنيات منها " خلي السلاح صاحي " ( مع الإشارة لما توحي به من معان لا تخفى على أحد ) و" ما أخدش العجوز أنا " و" العتبة جزاز " . وفي المدينة انقرضت الفرقة النحاسية ، وما تبقى منها انتقل للأرياف. ( 6) .
* زفة العفش .
في الأسبوع الذي يسبق ليلة الزفاف يقوم أهل العروس بفرش بيت الزوجية ، لهذا كانت تحمل أطقم الموبليات والسجاجيد وكافة المفروشات فوق عربات كارو لتطوف الشوارع والأزقة الواصلة بين بيت العائلة والشقة الجديدة. ما زال معمولا بتلك العادة لكنها تقتصر حاليا على الشرائح الشعبية ، وتستخدم السيارات ربع النقل وتحمل إضافة إلى " العفش " الأجهزة الكهربائية ، ويسبق الزفة موتسيكلات ويكون هناك مسجل يذيع الأغنيات الخاصة بالأفراح . يتفنن أهل العروس في الإكثار من عدد السيارات التي تحمل العفش وكلما زاد العدد دل ذلك على مقدرة أهل العروس ، وتصحب الزفة العروس وأسرتها وتكون " متزوقة " لكن بملابسها العادية ، وفي هذا اليوم لا يسمح لغريب مهما كان بدخول الشقة حتى لا يضع أحد الموتورين ـ او الموتورات ـ " العكس " أو " العمل " ، وهو نوع من السحر الأسود. (7) .
سمير الفيل
22-08-2010, 11:02 AM
* نقطة التنجيد .
تختار أسرة العروس مكانا معينا يكون في الغالب سطح بيت العائلة أوبيت إحدى القريبات لتنجيد فرش العروس من مراتب ومخدات وألحفة وخداديات. يكلف العريس بإحضار " السمك " والفاكهة ، وعلى أهل العروس طبخ الأرز وإحضار المخللات . كي يقدم كغذاء للمنجد ومرافقيه بعد الظهر ، ولا يقبل بأقل من " البوري " أو " القاروص " أو " اللوت " ، وعادة ما يشارك أهل العروس في تناول الطعام مع قريبات العريس ، وبعد انتهاء التنجيد أو خلاله يتم وضع النقوط في صينية أو يقدم سرا لأم العروس ، ويسجل ذلك في دفتر صغير لرده في المناسبات السعيدة. أحيانا تقوم أسرة العروس بذبح "عجل " ، لا يوزع بل يطعم منه المنجد وبقية أهل العروس ويتم ذلك في أحيان قليلة للغاية ، فالسمك المشوي هو الأسرع ولا يشغل أهل العروس عن عملهم في مراقبة المنجد والتعديل عليه. من حق أم العروس تنجيد " لحاف " لها و"مخدة " ، و" مرتبة " ، ولا يسمح لها بأكثر من ذلك . العادة قائمة ومتشرة في كل بيت ، ولو قصّر العريس في إحضار " الزفر " ( يقصد به السمك ) أو جاء بنوع صغير الحجم ( مثل الشبار ) فقد رسب في الاختبار الأول ، وانكمشت أسهمه. لذلك قد يقترض العريس مبلغا من المال ولا يعرض نفسه للوم أو العتاب الصامت ( .
* كشف النقوط.
تكاد هذه الظاهرة تختص بها قرية " كفر البطيخ " التي تحولت منذ سنوات إلى مدينة. النقوط هو نوع من التكافل الاجتماعي وضد الغلاء فيمكن لأي شخص من الذكور أن يتزوج بما يحصل عليه من نقوط . المساهمة تبدأ من 10 جنيها وقد تصل إلى 1000 جنيه. لو وضعت 10 جنيهات فمن حقك أن تحصل على 20 جنيها حين تتزوج أو " تطاهر" الأنجال . قبل يوم النقوط تعلق لافتات في أماكن ظاهرة تحدد اليوم والبيت منها محطة القطار والميادين العامة وبالقريب من البيت وحاليا تستخدم الألوان الفسفورية التي تضيء ليلا . هناك " كشف " للرجال و" كشف " للنساء . الرجل المسئول عن كشف الرجال يأخذ مكافأة قدرها مائة جنيه إلا إذا كان من يقوم بجمع " النقطة" شقيق العريس أو عمه أو خاله. لكن رفعا للحرج يتم اختيار شخص من غير الأقارب. أما السيدة التي تقوم بتجميع نقوط السيدات فتقوم بعملها من قبيل المجاملة.
هناك " ميكروفون" يكرر قبول النقطة ، وفي أحيان قليلة ولأسباب معقدة يتم الإعلان جهارا نهارا عمن تخلف عن السداد ، ويمكن اعتبار ذلك نوع من التجريس.
لا يقتصر جمع النقطة على حالات الزواج بل يمتد لرفع جدار بيت أو شراء سيارة للنقل وفي هذه الحالة ترفع لافتات " طهور الأنجال " كوسيلة للحصول على مبلغ محترم للخروج من الضائقة المالية وهو أمر متعارف عليه ومفهوم . تعرض هذا التقليد الراسخ لانتقادات متعددة لكنه يتواصل بل ويتشعب وينتقل من جيل إلى جيل. ولا يمكن الفكاك منه بتاتا لأن الابن ـ مثلا ـ يحمل إرث الأب الراحل ، وهكذا.
قرية كفر البطيخ التي اشتهرت يوما بالتجارة والزراعة دخلت المنطقة السلفية ، وهي تعزز إلى حد ما الوضع القائم ، ولا فكاك منه رغم أخطاره ؛ فقد تحدث " مناسبات نقوط " تكاد تلتهم مرتب الموظف كاملا ، ولا يمكن لشخص مهما كان ـ عليه نقوط ـ الهروب من الدفع وإلا صار ذلك وسليلة للنبذ الاجتماعي. (9) .
* من مظاهر العيد في " الحوراني " .
في العيد الصغير ( عيد الفطر المبارك) يذهب الأطفال لملاهي القرية ويركبون عربات الكارو ، وينشدون أغاني مفرحة . مدة الركوب عشر دقائق ، بمقابل قدره نصف جنيه . الأولاد والبنات يتنزهون في مراكب تشق النيل بجنيه واحد للفرد وأحيانا تحصل الأسرة على تخفيض . الجميع يرتدي ملابس زاهية ، والبلونات الملونة في أيدي الاطفال ، والزمامير الباغة. من العاب البنات في الساحات القريبة من البيوت " الحجلة " و" نط الحبل " أما الأولاد فيلعبون " ركبت خيولها " و" الكرة بالميس " . تقوم الأسر بزيارة الأقارب ويمنح الأعمام والأخوال عيدية مناسبة من جنيه إلى عشرة جنيهات للطفل حسب القدرة المالية. ويبل الترمس والبليلة والحلبة لتقدم في أطباق فخارية للزوار، وتضع القلل بماء المورد على حواف البلكونات .
في العيد الكبير ( عيد الأضحى المبارك ) يقوم المقتدرون بذبح الأضحية وتوزيعها على الأقارب وفقراء القرية في أكياس التوزيع حسب عدد أفراد الأسرة فلو هناك أسرة مكونة من 3 أفراد تحصل على نصف كيلو ، ولو وصل العدد إلى 5 أفراد فيحصلون على كيلو جرام ، ما زاد عن ذلك تحصل الأسرة على كيلو ونصف . في صباح العيد الكبير تعد أطباق الفتة بالكوارع وتقدم لأهل البيت . وهناك من يفضل تناول " الكرشة " و" الحلويات " وتكون بصلصة الطماطم . أحيانا يصنع البعض الفطير المشلتت بالسمن البلدي . جلود الأضاحي تجمع في بيت معين ويقوم واحد من المسئولين ببيعها في البندر وتوزيع ثمنها على الفقراء وهم معروفون بالاسم ممن فقدوا عائلهم.
هناك مظهر شعبي لكن له بعد ديني هو قيام عدد من الموسرين بشراء " شنط " المدارس ودفع المصروفات وتجهيز ملابس الدراسة على من يحتاج ، وهو أمر يتم في سرية ولا يحدث في العلن حرصا على مشاعر من يتلقى الصدقة.
في حالات الميلاد يذبح خروفين للولد وخروف واحد للبنت ، ولو أن هناك من لا يمتلك ثمن الخراف يتكفل الأقارب بذلك بطريقة المساهمة كل حسب طاقته. في الأفراح يدعى الناس للوليمة. الرجال يأكلون سويا ، وبعد الانتهاء تجلس النساء لتناول حصتهن ، وفي بعض الأحيان يحدث عجز فيكتفي النساء بتناول ما فاض من طعام الرجال ويتم الأمر بسرية تامة. الولائم توضع على طبليات خشبية ويجلس الضيوف على " الحصير" أو " الأكلمة " . أحيانا تكون العروس رقيقة الحال وفي هذه الحالة يتضامن أثرياء القرية لشراء القطن والتنجيد في نفس بيت العروس دون أن يعلم أحد. (10)
* المولد في " السوالم" .
هناك ضريح " الشيح اللاوندي " على بعد كيلومترين من قرية " السوالم " . ينظم له احتفال سنوي لصاحب الضريج وتعد السيارة وفيها يقود " الخليفة " مجموعة الناس للانطلاق من ساحة القرية صوب الضريح. بعض المريدين يمسكون سيوفا من الحديد والبعض يحمل البيارق والبعض الآخر في يده صاجات أو كاسات نحاسية يوقع بها . هناك سيارات كارو ( يجرها حصان أو حمار ) تعرف بالمشهد ، وفيها تمثيل وتشخيص للحرف السائدة والمهن التي من أبرزها " المزين" و" الحداد " و" النجار " و" قاطع الأخشاب " ، وغيره . عادة ما يلعب رجل معين دور المرأة اللعوب وهي تجهز نفسها بمكياج ثقيل . من المشاهد المألوفة من يركب حمار بالمقلوب ، وتجد بعض العربات الكارو تحمل مجموعة من الكلاب والمعيز ، وقد ارتدت ثيابا ملونة مفصلة على مقاسها.
الضريح قديم جدا ، لا يعرف أحد من أنشأه ولا أي معلومات عن صاحبه سوى أنه أحد أقطاب المتصوفة.
الخليفة يرتدي ثيابا أبيض في أبيض ويركب حصانا مطهما وتنتقل الخلافة بالوراثة فمثلا يوجد الشيخ نبيل من نسل الخليفة الأول . البيارق عليها أسماء الخلفاء الأربعة ، وآيات من " القرآن الكريم" وكل طريقة ترفع يافطة باسمها فهناك " الرفاعية " و" الشاذلية " و" البيومية " ، وغيرها. خلف الخليفة يسير صفان من " الذكّيرة " وهم يتطوحون يمينا ويسارا ، وفيما بين الصفين قائد يوجه الذاكرين ، وهم يطلقون عبارة " الله حي " منغمة ومرتبة وبإيقاع موحد . خلف الذكيرة شباب يحملون دوارق فيها شربات أو ماء وليمون أو ماء ورد، وتوزع على من يطلبها لتروي ظمأه . (11)
يوجد منقد كبير فيه " قلاوح ذرة " مشتعلة ، ويلقى فوقها بخور والناس تبسمل وتحوقل. يوجد كذلك طبلة كبيرة جدا ويحمل الرجل كرة مطاط يضرب بها جلد الطبلة في إيقاع منضبط . الزفة تضم الرجال والنساء والأطفال لكن النساء يسرن عادة في المؤخرة. عربات الكارو تجري فوقها " المشاهد" فمثلا يوجد نجار يعاقب الصبي ، وبياع طماطم وكوسة وخيار يغش في الميزان ، ورجل يلبس لبس سيدة يتقصع بصورة ساخرة وينطلق بين الناس ليقرصهم ويتجنب أن يمسك به أحد ثم يعاود الصعود لعربته ضمن " السيارة " مشهد لسلطان وحوله الحاشية . السلطان فوق رأسه طرطور يتصنع الجهامة طول المسيرة ويخاول أهل القرية إضحاكه دون جدوى. لو ضحك يعد فاشلا في دوره.
هذا المشهد كان يجري في " السوالم " منذ حوالي 20 سنة وقد انكمش الآن ولم تعد السيارة تحوي سوى الخليفة والذكيرة وحاملي البيارق ورجال الطرق الصوفية بأوشحتهم الخضراء على الصدر.
في قرية " ميت أبوغالب " القريبة ، يوجد ضريح " الأتربي " وله مولد يقام في موعد مختلف. تسير السيارة حتى تصل الضريح وينزل الخليفة عن حصانه وتنصب سارية طويلة جدا في نهايتها هلال. الساري قد يكون في الأصل شجرة وتم تجهيزها قبل السيارة بأيام وتظل في مكانها حتى العام التالي.
ينصب ذكر العصر ويقوم المشاركين بطابق الذكر ثم ذكر المغرب ويختتم بذكر العشاء .
توجد ليله صغيرة ويحييها شيخ " نص لبة " أما الليلة الكبيرة فيحييها أهم شيخ . يقدم الشيخ الأول المدائح النبوية أما الشيخ الثاني فيحكي قصص منها " سعيد وسعيدة " ، " فتحي وفتحية " ، " صالح وصالحة " .
عن الموت فحدث ولا حرج. الجنازة لا يقل عدد مشيعين فيها عن ثلاث آلاف رجل . بمجرد دفن الميت وقفل باب التربة يقوم ملقن وراء التربة بتلقين الميت ما يقوله عند الحساب . فهو يذكره بالشهادة ويعرفه أصول الرد على أي سؤال يواجهه . " يعني بيغشش الميت كأنه في امتحان " ، وهو وضع مقبول لدى الجميع. بعد الجنازة توجد " المصافحة " (12) وفيها يقف أهل الميت لتلقي التعازي وفي حالة وجود مصافحة تكون الأولوية للأغراب وينادى بالمشهد أن العزاء قاصر على تشييع الجنازة. فإن لم يعلن عن ذلك ـ وهو الشائع ـ فالمأتم واجب ، ولا بد من الذهاب للمأتم ، وإلا كان الشخص مقصرا. ثاني يوم الجنازة يسمى " ثالث الميت " ويتم في اليوم الثاني وليس الثالث ولا أحد يعرف السر في هذه التسمية . أغلب الظن انه موروث أنتقل من جيل إلى جيل وسقطت الأسباب وبقيت العادة. خلال الأسبوع الأول وفي كل جمعة وفي الأربعين يحضر أهل الميت شيخا ويقرأ القرآن بعد صلاة العصر. لا يمكن مخالفة هذه الأعراف بحال .
يوم تشييع الجنازة يقوم أهل القرية جميعهم بتقديم صواني الطعام لأهل الميت وضيوفهم من القرى المجاورة ، وقد يصل عددهم للمئات. (13) .
سمير الفيل
22-08-2010, 11:03 AM
* ليالي الحصاد .
كان كل فلاح في القرية يأحذ أسرته ، ويقيم في الجرن الذي تجرى فيه أو حوله عملية الحصاد وبالتحديد حصاد الأرز. يأخذ الفلاح طعامه ، ويقيم في حجرة مبنية من الطين . تجمع أعواد الأرز بالشرشرة يدويا . يضيء الفلاح الجرن بالكلوب الجاز وزوجته تستخدم في بيتها لمبة 9 ،و لمبة 10 . تجمع الحزم بعد تخليصها مما يمكن أن يكون علق بها ، ويستخدم النورج في عملية درس الأرز.
الجيران يساعدون الفلاح في تنفيض حزم الأرز من الحبوب بعد استخدام النورج. تستخدم بعد ذلك ما كينة خشبية تسمى " الدراية " وهي تتحرك يدويا . يتطاير من خلالها حبوب الأرز ليبقى قش أرز ضعيف على هيئة غبار يسمى " أيشة " . يستفاد من قش الأرز بعد تحزيمه في حزم لاستخدامه في عدة وظائف ، من أهمها وضعه فوق أسطح البيوت المصنوعة من عروق الخشب لحمايتها من المطر . وتستخدم كوقود رخيص في الأفران والكوانين ، ويمكن فرشها على الأرض في المناسبات كالأفراح والعزاء ، ويمكن وضعها كطعام للمواشي بعد خلطها بالدريس ( البرسيم الجاف) .
كانت أسر الفلاحين تعد الطعام مهما كان بسيطا فوق صواني نحاس كبيرة وتجهز إلى جوارها مياه الشرب في قلل فخارية ويا حبذا لو وضعت تحت ظل شجرة لتترطب. الحصاد كان في شهر أبريل ويستمر حوالي شهر.
يخزن الفلاح حاجته من الأرز محمولا على أظهر الحمير إلي مكان التخزين ، ويسمى " مقعد" . ما زاد عن حاجته يوزع جزء منه كصدقات ، أو هبات ، ثم يباع الأرز للتجار والوسطاء ، وكل أردب داخل أجولة .
هذا موسم زواج البنات والأولاد أو سداد ديونه .(14)
* من استخدامات الساقية.
الساقية تجلب الماء لري الأراضي ، لكن كثيرا من الفلاحين كانوا يزرعون حول الساقية أشجار التوت والجميز والنبق والمستكة التي لها رائحة زكية كما تعد فروع الأشجار مظلة طبيعية لا تكلف شيئا. الساقية تصنع من الخشب وكان أهل زمان يعتقدون أن أخذ بعض " السوس " من أخشاب الساقية يعالج كثيرا من الأمراض الجلدية أو التقرحات كذلك يستخدم في طهارة الصبيان.(15).
* الطهارة علنية :
يقوم بالعمل حلاق القرية . يعلن عن موعد طهور الصبي أو جماعة الصبيان، يدعى أهل القرية جميعا عقب صلاة الجمعة . يذهب الحلاق ومعه مساعده أو صبيه ويستعرض أدوات الحلاقة في الساحة القريبة من بيت والد الطفل : المقص والموسى والجلدة . ثم يقوم بالطهارة أمام الناس جميعا والنساء يزغردن بعد انتهاء المسألة من الشبابيك دون الخروج للساحة. العملية كانت تجرى بدون بنج والأطفال يصرخون والكبار يصيحون بكل منهم : " خلاص .. عذابك فات" . توزع على الكبار أكواب الشاي وعلى الأطفال " كرملة " رحيصة. أما الولد " المتطاهر" فيشرب سكر وليمون غير مثلج فهذا يساعد على سرعة التئام الجرح. يقوم الحاضرون بوضع النقطة في يد أو حجر الأب ، ويحصل الحلاق على أجره " حوالي خمسين قرشا " .
بالنسبة للبنات فكانت تجري العملية إحدى نساء الغجر كانت تمضي في شوارع القرية تعلن عن خدمتها " أدق وأطاهر" ولكن طهارة البنات كانت تتم في سرية ودون مظاهر احتفال. أحسن الطهارات تلك التي ترتبط بيوم عاشوراء.(16)
* يوم عاشوراء :
كان يتم التوسعة على الأسرة في هذا اليوم بذبح ذكر بط أو أوزة سمينة أو زوج دجاج ولابد من التوسعة وذكر مناقب أهل البيت. وهناك طبق " عاشوراء " يعرف طريقة تجهيزه عجائز القرية . أحيانا كان يحدث نفس الشيء في عيد الغطاس ولكن بنسبة أقل.(17)
* التقدم لزواج فتاة في " العنانية" :
يبدأ العريس في إرسال أكبر رجال العائلة لأسرة الفتاة المطلوب خطبتها بدون حضور العريس ، وفي نفس الجلسة يتم الموافقة أو الرفض وفي أحيان قليلة تؤجل مسألة القبول أو الرفض للمشاورة ولكن ذلك لا يتعدى الأسبوع بحال.
كان الإتفاق على توزيع الأعباء يتم بسرعة ودون مماطلة. يدفع العريس مهرا ، ويطلب من أهل العروس تجهيز " العفش " و" الفرش " يبدأ المهر بمائة جنيها وينتهي عند 200 جنيها ( هذا في الستينيات) . والجهاز في القرية عبارة عن كنبتين ، وسريرين وعدة كراسي خيزران ، ودولاب بمرآة ( أربعة ضرفة او 2 ضرفة ) ، السرير الخاص بالزوجية من النحاس الأصفر ، وله " شخاليل و" عرائس " من المعدن . تجهز العروس الملابس عند خياطة القرية وكل فستان له ثمنه فمثلا الروب 10 قروش ، قميص النوم 7 قروش ، وهكذا بشرط أن تتحمل العروس " الكلفة " : من داتيلا وستان وزراير وركامة وكباسين (18) .
* ليلة الحنة :
تحضر العروس وصويحباتها بعد التزين . تحضر إحدى النسوة المتخصصات في إعداد الحنة عجينة طرية تجهزها ، وتقوم بنقش كفي العروس وأقاربها وصويحباتها . أحيانا تستخدم الحنة " البلدي " ، ولو الأسرة مبسوطة ماديا تشتري " الحنة الجاوي " . الحنة قد تكون على نفقة العروس وقد يتحمل العريس تكاليفها لو هو أبدى استعداده لذلك. في " ليلة الحنة " تقوم النسوة ظهرا بتقطيع اللحم والخضار وتوضع قطع منه فوق رأس العروسة لتكون أيامها " خضراء " في المساء تجتمع البنات في حلقة للرقص وقد تمتد أيام الحنة لمدة أسبوع. بمجرد رفع الأعلام على البيت والنواصي . أحيانا كان أهل العروس يأتون بشاعر ربابة من الجمالية أو المطرية حيث صيتهم ذائع ، وكانوا يقدمون مقاطع مختارة من " السيرة الهلالية " وكان أثرياء القرية ووجهائها يحضرون حصان للرقص على نغمات الناي و الدفوف . في ليلة الحنة تتبارى الفتيات في إظهار مهارتهن في الرقص وسط تصفيق الأكف والفتاة الأكثر براعة تكون مرشحة لعريس جاهز حيث تستخدم ليلة الحنة في معرفة البنات اللائي هن " على وش زواج" ( 19).
* مراكب للأفراح:
بلدة العنانية قريبة من بحيرة المنزلة ، قد تحدث نوات شتاء فتعطل الأفراح ، ولو كان هناك قريب يمتلك مركب صيد ليست في حالة سروح ، يستعين أهل العروس بالمركب الشراعية في الزفة . حيث تجلس فرقة " المزيكا النحاسية " في مقاعد مثبتة أول المركب وتزين الكوشة وفيها تجلس العروس مع عروسها وتقدم تحية للضيوف وتدور المركب حوالي ساعة ثم تقدم التحية لمن يركب والتحية في الغالب شربات بلونه الأحمر . وقد يؤجل توزيع التحية لحين الهبوط للبر . الأعلام الشائعة في الخمسينيات والستينيات هي أعلام مصر الملكية القديمة حيث نشاهد رقعة خضراء وداخلها هلال وثلاثة نجوم ، وأحيانا تكون المناديل " الأعلام " بلون أحمر. غير معترف حتى وقت قريب بالأعلام الحديثة ( يسمونها أعلام التحرير) . (20)
* فض الخصومات:
عند حدوث مشكلة بين شخصين أو بين عائلة وعائلة أخرى تقوم جماعة من علية القوم ( الوجهاء ) بمحاولة الصلح بعد استعراض أسباب المشكلة . أحيانا يقوم المجلس بتغريم أحد الخصمين أو كلاهما مبالغ محددة ، وفي حالة انتهاء الجلسة على خير يقبل كل طرف رأس الطرف الآخر . في المساء وبعد صلاة العشاء يجتمع الطرفان مع من شاء من أهل القرية لشرب الشاي والمسامرة . يحضر العمدة وشيخ البلد وشيخ الخفر . وفي حضورالعمدة مباركة للصلح وتوثيق له. كلما حلت مشاكل القرية دون تدخل غرباء دل ذلك على وجود " كبير " للبلد أو " كبار " ممن يمتلكون الحكمة والإقناع وفي الغالب يكون هؤلاء من خريجي الأزهر أو من الأعيان. ( 21) .
* بيت العمدة :
للعمدة دوار كبير ، وبيت العمدة فيه " سلاحليك" ، فيه بنادق الغفر التي لا يستلمونها إلا ليلا ويسلمونها في الصباح، كما يوجد تليفون " ميري " يعمل ب"المانفيلا" ، ويتصل غالبا بالنقطة حال وقوع حـادث أو إخبار المأمور بأي معلومات تريدها الحكومة .
العمدة غالبا من عائلة كبيرة ولابد أن يكون له أرض يزرعها أولاده أو أقاربه أو المستأجرون . تقلب منصب العمدة في قرية العنانية بين عائلات عديدة ، وكانوا مثال الحكمة وبعد النظر ، منهم عمدة من عائلة " البيومي " وبعده عائلة " أبوجلالة " ، ثم عائلة " أبواسماعيل " . العمدة لابد أن يكون له هيبة ، وكلامه مسموع وعنده " مضيفة " لاستقبال الضيوف ، وربما يكون نومهم بها لو كانوا في مهمة رسمية كعمال المساحة أو مهندس الري أو واعظ شهير ، وغير ذلك . ( 22) .
سمير الفيل
22-08-2010, 11:04 AM
* الداية :
هي المولدة التي تقوم بتوليد النساء الحوامل. كان لها كرسي مشهور هو " كرسي الولادة " عبارة عن كرسي صغير ككرسي الحمام لكنه أكبر ، فهو منجد من ثلاث نواحي ، وله ظهر وجانبين ، ومعنى وجود هذا الكرسي أمام بيت ما في فارسكور معناه وجود حالة وضع.
مهمة الداية مباشرة وضع السيدة ، وقطع الخلاص ، وإفاقة المولود بضربه ضربات رفيقة على ظهره أو فخذيه. وهي محل حفاوة من الجميع خاصة إذا كان المولود ذكرا. تظل تباشر خدمة الأم حتى أنها تحضر السبوع ويكون لها أجر معلوم يختلف باختلاف مستوى معيشة أسرة المرأة التي تضع.
الداية توجه نصائح للأم ، وكيفية العناية به خاصة إذا كان الطفل هو المولود الأول ، وقد تدلك الداية الحلمتين لجريان اللبن.(23)
* السبوع في فارسكور:
في اليوم السابع من الميلاد يوضع الطفل في غربال ، وتمسك به جدة الطفل أو إحدى الخالات وتنزل به السلالم والأطفال بيدهم الشموع مضاءة، يرش الملح على الجميع ويطلق البخور . محظور على الأطفال في اليومين الأولين دخول حجرة المولود حتى لا يصاب بحول في عينيه ، وهو اعتقاد شائع جدا. بعد الميلاد يقوم أب الطفل بتجديد فرش البيت وإحضار ملابس جديدة للأسرة وإذا كان المولود ذكرا يعم الخير على أولاد الخال والعم. تمر الأم حاملة المولود من فوق المنقد مع البسملات المعتادة. ( 24) .
* موالد فارسكور:
يوجد في فارسكور وما حولها حوالي 20 مقاما من أشهرها مقام " السخاوي " ، والاحتفال عبارة عن مرور سيارة تضم أعلام وبيارق الطرق الصوفية مع وجود طوابير الذكر للرجال فقط ، ومجموعة من حاملي السيوف والخناجر ومنهم من يضع لعابه بإصبعه على خده ليمر السيف من خد إلى الخد الآخر دون سقوط نقطة دم . يرتبط المولد بطهور الصبيان ، فهذا نوع من البركة ، كان المتصوفة يمشون " يفقرون " أي يميلون بأجسادهم بشدة شمالا ويمينا ، وكلهم في نفس الاتجاه وبعضهم يفعل ذلك مغمض الأعين. كان يعلن قبل الاحتفال بيوم عن السيارة ، وتقوم غالبا من أمام مركز الشرطة كما يقوم أصحاب كل حرفة بإعداد عربة يقودها حصان وفوقها المعلم وبعض الصبية ، ومن اهم المهن: الحداد ، النجار ، الحلاق ، المبخراتي ، مربي الكلاب ، الرجل في زي أمراة .
كان زي العساكر في هذا العصر موحد ( زمن الأربعينات ) ، عبارة عن بدلة صفراء وعلى الوسط حزام أسود عريض وفوق الرأس كاب بنفس اللون الأصفر. كان العساكر يعتبرون هذا يوم : بحبحة " حيث يحصلون قبل سيرهم أو بعده على إكراميات من الأعيان . وهم جزء أساسي من العرض ، وفيما بعد أضيف للسيارة عربات المطافيء والإسعاف والإنقاذ النهري . ( 25) .
* فرق المغاني :
كان الهدف من فرق المغاني إحداث البهجة في النفوس ، وكان يعلن مقدما عن قدوم فرقة بعينها فيتقاطر الشباب من القرى القريبة لمشاهدة فقرات الرقص والغناء . الأفراح كانت تقام في الشوارع حيث تنصب خشبة مسرحية يتم فوقها الفقرات ومن أشهر " المغاني " نجد " فاطمة سماحة " ، ومن دمياط تأتي " إنشراح " ومن المنصورة " الحاجة بسبس " التي نازعتهم السلطان. أغلب الأفراح كانت تبدأ هادئة وحين تظهر الراقصة تغمز لهذا وتشاور لذاك فتنشب في الحال مشاجرات يفشل الكبار في فضها. وكانت المطربات أو المغاني يقمن بحركات شبه جنسية فيها يتأود الجسد مع وجود بدلة الرقص الشرقية " الكاشفة " ، و" المخرمة " ، وقد يصعد بعض الشباب لمشاركة الراقصة فقرتها لكن عليه قبل الرقص وضع نقطة مناسبة . (26) .
* زفة العريس في فارسكور:
تقوم فرقة المزيكا النحاسية بزف العريس ويكون لابسا جلبابا جديدا لو أنه من الفلاحين فإن كان من الموظفين فهو يرتدي بدلة ، وحوليه مرافقين يقودونه في شوارع المدينة ، وتتبارى المقاهي في تقديم مشروب للعريس ومرافقيه دون تقاضي أجر؛ فهي تحية معروفة. عند بيت العروس تجلس الفرقة لتعزف مقطوعاتها ، ويسمح بالنقطة ويجمعها قائد الفرقة بنفسه . وكان هناك أحيانا من يمضي بالكراسي وراء العريس ليجلس في أماكن أخرى غير المقاهي ربما ليلتقط الأنفاس . ولم يكن مسموحا بشرب الشيشة أو الجوزة فهذا لا يليق . لكن يتم " شرب الحشيش " فيما بعد ، مع خاصته أو أخلص أصحابه. ويتم تلقين العريس واجباته الزوجية في جلسة ضيقة مع المبالغة في إظهار الفحولة من أصدقاء العريس ممن سبقوه لدخول قفص الزوجية. ( 27) .
* فك المربوط :
انتشرت ظاهرة " ربط العريس " ليلة الدخلة ، وكان من المتعارف عليه ذهاب العريس لشيخ معين لفك العمل وغالبا ما تنجح الوصفات في ذلك. وكانت الزوجات يقمن في مناسبات أخرى بالاتفاق على تجهيز " عمل سفلي " يمنع الزوج من الاقتران بإمراة أخرى ، مع دفع مبالغ معلومة ، والإتيان بما يطلبه الأسياد من بط وحمام وسمان ودجاج.
يذهب الناس إلى " سيف الدين " فشيوخها بارعون في الأعمال وكان الشيخ يأخذ " الأثر " وبمعرفة اسم الأم يكون العمل فعالا. يوضع العمل تحت السرير أو تحت المخدة لو أن من جهزه الزوج أو الزوجة. أما لوأن من جهز العمل غريب فيقوم برمي العمل على العتبة ومن مظاهره رش ماء مقروء عليه على العتبة خاصة ليلة الجمعة . الأعمال وفكها ظلت ملازمة للمجتمع الفارسكوري لفترة طويلة ، ومع تقدم الطب تقلصت إلى حد كبير وإن بقيت ذيول لها في بعض القرى البعيدة عن المركز . (28) .
* الصوفة:
عندما يفشل الزوج في مباشرة الزوجة يذهب للشيخ لفك العمل . وكان أشهر شيخ في الناحية ممن عرف بقدراته الخارقة الشيخ " مسعد زبادي " من مدينة السرو. والغريب أنه كان يذهب إليه كثير من أهل السياسة والخكم.بعد أن يحصل على " النولون" . كان للشيخ حجرة مظلمة لا يدخلها غيره وصاحب الحاجة ، وفيها يتم العلاج المكروب .
عند عدم الإنجاب تقوم المرأة ـ غالبا بصحبة أمها فقط ـ بزيارة الشيخ سرا ومن الوصفات العجيبة " الصوفة " ؛ يكون هناك ضعف في الرجل أو مشكلة ما في كيسه ( خصيتيه) فيحصل الشيخ على " مني " رجل آخر ويضعه بالصوفة ، وبدون علم المرأة تضع الصوفة في رحمها فيحدث الحمل غالبا وبذلك يتلقى الزوج التهاني على قدرته على الإنجاب بينما الطفل من صلب رجل آخر. أعتقد أن الأمهات العجائز كن يعلمن بسر " الصوفة " لكن العروس تغيب عنها معرفة طريقة العلاج فتفرح بالإنجاب المعيب . وإلى عهد قريب كان سر الصوفة خفيا ويعمل بها على نطاق واسع ( 29) .
* طرق الزواج في الخمسينيات بفارسكور:
مر الزواج بفارسكور بمرحلتين. الأولى : كانت الأسرة تختار لابنها العروس المناسبة وغالبا ما ينصاع العريس لهذا الاختيار الذي يقوم به الحريم من خلال زيارة البيوتات.
الثاني : بعد انتشار التعليم وزيادة الوعي و" البحبحة " في المعيشة . كان الشاب يختار عروسه إذا ما رآها بالصدفة في السوق أو قادمة من البندر أو ذهابها للمستشفى وغير ذلك فيتتبعها ويعرف بيتها ، ويظل لأيام يمر من تحت الشباك ليلفت نظرها فإذا لاحظت ذلك وبان عليها القبول بابتسامة ولو بسيطة فهذا معناه القبول. في هذه الحالة يرسل أقاربه من النساء لطرح المسألة فإذا وجد موافقة صريحة يبدأ الرجال في اتخاذ خطوات عملية للإقدام على الارتباط.
كان العبء الأكبر يقع على أسرة الزوجة فهي تحصل على مهر لا يزيد عن مائة وخمسون جنيها ، وتقوم بتجهيزها . تشتري الأطقم الثلاثة : نوم ، وسفرة، وصالون. ناهيك عن السجاد ، والستائر ، والقطن، والصيني .
حاليا انقلبت الآية وصار العريس هو الذي يتحمل حجرتين وكل الأجهزة الكهربية فيما تختص العروس بالصيني والسجاد والمفروشات.
في الخمسينيات ظهرت قضية كبرى : هل يصح أن يتزوج الموظف موظفة؟ كان هذا هو الحديث الأكثر إلحاحا بعد خروج المرأة للعمل. والغريب أن بعض الأسر في الريف لم تكن تسمح بزواج ابنتها قبل الاشتراط على العريس بحصول الأب على نصف الراتب الشهري وأحيانا كان العريس يوقع شيكات بذلك ضمانا للحقوق وحتى لا يرجع " العريس " في كلامه. ( 30) .
* الضمة :
كانت فرقة الضمة تتكون من شباب متقارب في السن ( من 20 إلى 30 سنة ) ، والضمة متحركة أو راكبة أو مستقرة. يستخدم أعضاء الفرقة " الطبلة " و" الطار " و" المثلثات" . يصنعون إيقاعاتهم ، ويغنون على النغمات. يكون وقوفهم فوق عربة كارو ذات حصان ، وقد تزينت بسعف النحيل والأعلام الخضراء والحمراء ويركب على العربة صندوق خشبي ارتفاعه متر ، مفتوح من أعلى ويتسع لمجموعة شباب بمساحة العربة. يلوح المنشد بعصاه وقد حزم نفسه بتلفيعة ، وعلى رأسه طاقية بيضاء ويشمر عن ذراعيه وسرعان ما يتغير الإيقاع ويتخذ نغما أكثر سرعة ، وأعنف. ومن أغنيات الافتتاح
" اللي يصلي على النبي .. له قصر في الجنة عجب" .
وتسير العربة والشباب يردد الغناء ويزيدون عليه، تبدأ الضمة في السير في طرقات الحارة ، مكونة رتل من عربات الكارو مزينة جميعها وفوقها شباب الحي وفي مقدمتها عربة المنشد . وحين تمر على المقاهي يقف الزبائن احتراما وتشجيعا وتحية. ويتعالى الغناء :
" قناديلو ضامم مناديلو..
.. وحياتك ضامم مناديله " .
وتتجه الضمة لناحية " شطا " ، حيث تتجمع العربات من كل حارة ، حيث تميزها أعلامها وأناشيدها ، فهؤلاء من المنشية أو الشهابية أو معري . تمضي ساعة أو أكثر حتى تتجمع تلك الضمم في ساحة واسعة حول مقام " سيدي شطا " ، وفي الغالب ينزل الشباب من عرباتهم ، يتحدون منافسيهم من الحواري الأخرى وتنشب المشاجرات.
مع العصر أو بعده بقليل تعود القافلة المجهدة . إنها لابد أن تعود عزيزة الجانب ، ظاهرة القوة ، ويتمثل ذلك في أناشيد العودة ، ومنها :
" سالمة يا سالامة ..
رحنا وجينا بالسلامة" ..
وتتغير النغمة تماما :
" يا محني ديل العصفورة
(المنشية ) هي المنصورة " ..
وتتغير المنشية إلى الشهابية أو الشرباصي أو حارة معري حسب الجهة القادم منها العربات. وحين تدخل العربات الحارة تشاع بطولات شباب الحتة ، وتخترع بطولات أغلبها وهمي . وهناك ضمة خاصة بختان طفل أو وفاء بنذر ، وقد انقرضت " الضمة " الدمياطي ، ولم يعد لها أي أثر في العهد الراهن ( 31)
سمير الفيل
22-08-2010, 11:06 AM
* وظيفة الحلاق . وظيفة العمدة . وأمور أخرى:
كان الحلاق يلعب دورا مؤثرا في حياة كل أسرة ؛ فإليه يرجعون في المشاكل الطبية البسيطة كالصداع وعلاج المغص وعدم الانتصاب وغيرها من مشاكل صحية . لكن الحلاق كان يقوم بطهارة الصبيان وكانت الحرفة تنتقل من الأب إلى الابن وهكذا. وفي يوم الطهور توزع أطباق الأرز واللبن ، او أكواب القرفة وأحيانا في الصيف يوزع مشروب السوبية والتمرهندي.
كان حلاق الصحة يحصل على أجر لقاء خدماته وله تقديرواحترام كبيرين. تبدد ذلك تماما بعد انتشار المراكز الطبية ولم يعد له عمل غير الحلاقة وضرب الحقن.
أما العمدة فكان له صولة وجولة ، ويقال أن الفلاح إذا كان راكبا حماره ومر أمام بيت العمدة فعليه الترجل حتى ينتهي من المرور دلالة على التوقير والاحترام. من أشهر العمد في فارسكور " أخمد الحلاوني " هذا العمدة كان يرتدي جبة وقفطان ويضع عمامة على رأسه . مقر العمدة يضم أسطبلا للخيول ودوار واسع ومضيفة وتليفون أسود كبير ويقوم الغفر بحراسة المدينة ليلا . كان أغلب العمد لهم صالة بعائلة داود.
أشهر عائلات فارسكور العريقة ، عائلة " قرين" و" الرشيدي " و" الهلالي " والأخيرة لها مصنع حلوى شهير. وكان الهلالي مركز لشحن بطاريات الراديو لقاء ثمن زهيد. كان من المألوف في الخمسينيات أن تجد حلقات من البشر تجلس أمام الدوار للاستماع لتمثيلايات الراديو وأغانيه وأخباره . لم يكن الراديو متيسرا لكل البيوت ، إذ كانت عليه ضريبة سنوية ، وكان يغني عن الصحف والمجلات. (32) .
* تغيرات في الخريطة الاجتماعية:
لم تعد الأفراح تقام أمام البيوت بل في النوادي المجهزة لذلك. اختفت فرق العوالم وظهرت فرق ال" دي جي " . شاركت الفتيات في الأنشطة الثقافية والفنية ولم يعد عيبا أن يحدث الشاب فتاة في الطريق ، وهي تبادله الحديث. في الغالب يتفق الشاب والفتاة على فكرة الزواج ثم يرسل أهله لإجراء مراسم الزواج. انتشرت في نفس الوقت ظاهرة الطلاق ولها أسباب اقتصادية أو اجتماعية وثقافية معقدة . لم يعد الزواج بأكثر من أمراة قائما إلا في نطاق ضيق للغاية .
كانت الوجبة الرئيسية في فارسكور هي وجبة العشاء وذلك لأن الرجال يعودون لبيوتهم متعبين فكان إعداد الطعام في الخامسة أو السادسة مساء . انتهت هذه العادة وصارت الوجبة الرئيسية هي وجبة الغذاء أسوة بما يحدث في المدينة.
الفول والعدس واللوبيا والفاصوليا مع الأرز هي الوجبات الشائعة ( تسمى أرديحي ) ، وينضم لها اللحم والدجاج كل جمعة أو جمعتين. حاليا صار الطعام خلال أسبوع لا يخلو من دجاج ولحم وأسماك. و" التفليتة " مرة واحدة كل أسبوعين.
أقرب القرى ارتباطا بفارسكور هي قرية " الطرحة " ، ففيها أخوال ضياء الدين داود ، وبسبب ارتباطها بالعمودية . لم أجد بلدا يتباهى بنفسه مثل مدينة دمياط فهم يعتبرون أنفسهم أصحاب الدم الأزرق ، ولا يسمحون بتولي قيادة من الريف إحدي الأجهزة الرسمية . وفي الحقيقة أن هذا شأن أغلب عواصم المحافظات التي تنظر للمراكز والقرى الصغيرة نظرة معناها أنها أقل منها مرتبة ( 33) .
* تقاليد صناعة الموبليات في " الشعراء" :
تتميز " الشعراء " بأنها المنطقة الصناعية الأولى على مستوى قرى المحافظة المصنعة للموبليات. حيث تتركز فيها العمالة الماهرة ، وتنتشر الحرف المكملة للصناعة من نجارين واسترجية ومذهباتية ومرتكليه وأويمجية ، وقطع رخام ، ومنجدين .
وهي من أهم أسواق الموبليات بدمياط لرخص الأسعار حيث أن كل من يدخل المهنة تكون له ورشته الخاصة به ، يقوم بالعمل فيها ، مع عرض بضاعته بجوار الورشة فلا ترتفع الأسعار نتيجة وجود وسيط هو صاحب المعرض . في الغالب تقع الورشة أسفل المنزل ويقوم المعلم بتربية أولاده منذ الصغر على " شرب " أسرار الحرفة من تصميم الأطقم إلى تقطيع الخشب إلى ضبط الزوايا إلى اللصق بالغراء لتجميع القطع وإرسالها لورش الطلاء .
إنها مهنة تتوارثها الأجيال ، وكل جيل يضيف الجديد ، وتكون له تصميماته وأسراره الخاصة. يقوم الأب بإعطاء الابن أجره كل أسبوع على سبيل التحفيز، واليوم الذي لا يشتغل فيه الابن لا يحصل على أجر. يتدرج الابن من صبي صغير إلى عامل مساعد إلى عامل صنايعي ثم تدريجيا يحل محل الأب .
يمكن للصنايعي أن ينتقل من ورشة إلى أخرى فهذه حريته الشخصية ، ولكن يشترط سماح المعلم القديم وإلا عـُـد ذلك تعديا على الأصول.
اليومية سنة 2010 كالتالي : العامل الصنايعي الأسطى يتقاضي يوميا من 60 إلى 70 جنيها. الصنايعي المتدرب يحصل على مبلغ من 30 إلى 40 جنيها يوميا. أما الصبي فيحصل على مبلغ يتراوح بين 30 إلى 50 جنيها في الأسبوع ، ويكون " القبض " آخر يوم الخميس.
من مهام الصبي ترويق الورشة ، و شراء " المون" ، وخدمة عمال الورشة بإحضار الشاي والقهوة ، وقد يكلف بأعمال بسيطة كمسمرة قطع خشب أو تغرية قطع أخرى أو برد سطح قطع من الأطقم مع إشراف من العامل المتدرب.
إذا مرض الصنايعي مرضا شديدا أو متوسطا يتجمع أهل المنطقة لمعرفة احتياجاته وتدبيرها فيما بينهم ، ويتم الأمر بصورة سرية ولا يعرف العامل الصنايعي أسماء من ساهم في تخليصه من ضائقته .
عند زواج الصنايعي فإن المعلم صاحب الورشة يقوم بمساعدته على سبيل المجاملة فيعفيه من ثمن الدهان أو تكاليف النقل ، وغالبا ما يخفض ثمن الحجرة فالطقم الذي ثمنه 5000 جنيها يبيعه له ب4000 جنيها ، وقد يتم الخصم بالتقسيط من أجره اليومي أو الأسبوعي حسب الاتفاق.
إذا كان الصنايعي نجارا ويعمل منذ سنوات طويلة فقد يقتسم المعلم ثمن الأطقم مع الصنايعي كأنه ابنه أو شقيقه. وتكون المصنعية " عمولة " أي دقيقة ومتينة.
مهنة الموبيليات لا يعمل بها سوى الرجال ، فهي مهنة شاقة ، وحتى حرفة " الأويمجية " التي تعتمد على الحس الجمالي لا يعمل بها سوى الذكور ، أما الفتيات فيعملن في معارض الموبليات في المدينة ويحصلن على مرتب أسبوعي ، وتفضل الفتيات الريفيات لرخص أجرهن وقدرتهن على القيام بعمليات التنظيف ، نلك التي تمتنع عنه فتيات المدينة . ( 34) .
* عادات وتقاليد في " عزبة البرج" (35) :
ـ قرية عزبة البرج تطل على كل من نهر النيل والبحر المتوسط ، وتمتلك ثلثي أسطول الصيد المصري ، وأغلب أهلها يعملون بالصيد في داخل البلاد وخارجها ومنهم شباب هاجروا لليونان وإيطاليا لامتهان نفس الحرفة. تحولت منذ سنوات إلى مدينة.
ـ المركب الجديدة تدشن ويقام لها احتفال ، وذلك بوضعها على " القزق " وهي طاولة خشبية تسمح بانزلاقها في النيل بسهولة . يتم بعد ذلك توزيع الشربات على الحاضرين ، وتقوم بحمل الأصدقاء وأهل الحرفة للركوب والوصول إلى البوغاز ثم العودة . خفر السواحل لا يتدخل في هذه الرحلة التجريبية ، ولا يقوم باعتراض طريق المركب .
ـ جهاز العروس لا يذهب لبيتها سرا بل لابد أن يحمل في عربات كارو ليطوف بكافة الحارات الواقعة بين بيت أهل العروسة والبيت الجديد ، ويصاحب " الجهاز " فرقة نحاسية.
ـ العزبة لا يوجد بها إلا القليل من المقامات و الأضرحة ، وربما يعود ذلك لانشغال السكان برحلات الصيد .
ـ كان يوجد " الزار " وترتاده النسوة لعلاج المشكلات النفسية والجسدية ، ومن أهم المشاكل غياب الزوج لأشهر ، وعدم الإنجاب ، وركوب " الجن " جسد بعض النسوة. اختفت الظاهرة حاليا.
ـ فك العمل شيء أساسي في حياة القرية ، وهو جزء من ثقافة الناس وفي بعض الحالات يفتح المندل باستخدام طفل صغير لم يبلغ الحلم ، وذلك للبحث عن شيء ضائع او لاكتشاف سارق ، وغيرها من امور حياتية .
ـ كانت هناك طريقة شهيرة هي الكتابة بالحبر الأحمر على أطباق من الصيني ، ويصب فيها ماء طاهر يشربه المكروب ، والكتابة تعالج الكثير من الأمراض ومن أشهر من كان يمارس هذه المسألة الحاج " أحمد التوارجي " .
ـ كان من الشائع أن الحشيش له قدرة على زيادة القوة الجنسية ، لذا انتشر وتوسع فيه الناس حتى جاءت العقاقير الطبية فتخلص منه البعض . من تلك العقاقير الجديدة " الفياجرا" .
ـ في مسألة الزواج يقوم العريس بدفع مهر محدد ، ويقوم أهل العروس بتجهيز فتاتهم . تحضر العروس العفش والستائر والسجاجيد والصيني فيما يجهز العريس الشقة ، وبعض اللوازم الأخرى . حاليا لا يدفع مهر ويتم اقتسام الأثاث على أسرتي العريس والعروس.
ـ أيام زمان وخلال موسم صيد السردين ، كان الإفطار والغذاء والعشاء من السردين . كانت طرقة تمليحه عجيبة ، فقبل موسم الفيضان يأتي الحداد ليصنع " شنابر " البراميل الخشبية ، حيث تجهز ، وطريقة تجهيزها هو أن يتم حفن مياه الفيضان القادمة من الجنوب ، لتملأ البراميل وما يحدث هو أن الطمي يسد الثقوب ويملأ الفتحات بين العوارض الخشبية ، بعد ساعات يقل مستوى الماء في البراميل . في اليوم التالي تكرر المسألة وتحفن مياه النيل وهكذا حتى يستقر الماء ولا ينزل وهذا معناه سد كل الشقوق والفواصل ، عندها يكون البرميل مهيئا لتعبئة السردين ووضع الملح به في طبقات . البرميل الكبير يستوعب من مائة إلى مائة وعشرة أقة ( لم يكن وحدة الكيلوجرام هي السائدة ) .استمر ذلك حتى سنة 1964 وبعدها لم يعد يأتي الفيضان بعد احتجاز السد العالي للماء . كان ثمن الأقة من قرشين وحتى أربعة قروش .
ـ السمات الاجتماعية لهذه الفترة الزمنية : كان هناك جو من المودة بين الناس ومسألة احترام الكبير ، ومن يحترم هو الرجل الحكيم بغض النظر عن ثرائه أوفقره. كان يوجد احترام للشخص المتعلم ، وكان قليلا بل نادرا. من مظاهر المودة أن أي أسرة تقوم بطبخ أطعمة كالمحشي أو البامية أو الخبيزة يقوم بتجهيز أطباق صغيرة ، وإرسالها إلى الجيران ، وهم يفعلون نفس الشيء وهو مظهر من مظاهر التواد والتحاب . كما أن شهر رمضان وقرب نهايته يحدث فيه تبادل أطباق الكعك والبسكويت والسفوفية والقرصة والغريبة وغيرها. حاليا نجد أن أغلب الأسر تشتري احتياجاتها جاهزة .
ـ كانت توجد كتاتيب لتحفيظ القرآن وتعليم القراءة والكتاب
الإثنين مايو 14, 2012 8:33 am من طرف
» إلتهابات المسالك البولية
الإثنين مايو 07, 2012 11:17 pm من طرف
» فائدة زرق الزيتون
الأحد مايو 06, 2012 9:45 am من طرف
» فائدة ورق التوت
الأحد مايو 06, 2012 9:43 am من طرف
» أربعون فائدة للخشوع فى الصلاة
الثلاثاء ديسمبر 13, 2011 10:33 am من طرف
» عناوين الوزارات بمصر
الجمعة نوفمبر 25, 2011 11:51 pm من طرف
» تابع أرقام فاكسات وتليفونات الوزرات والمصالح الهامة بمصر
الجمعة نوفمبر 25, 2011 11:43 pm من طرف
» أرقام فاكسات وليفونات اوزارت والمصالح الهامة بمصر
الجمعة نوفمبر 25, 2011 11:37 pm من طرف
» أرقام تليفونات الأجهزة الرقابية بمصر
الجمعة نوفمبر 25, 2011 11:33 pm من طرف
» هكذا علمتنى الحياه
الأربعاء نوفمبر 09, 2011 6:22 am من طرف احمد السيد
» هكذا علمتنى الحياه
الأربعاء نوفمبر 09, 2011 6:22 am من طرف احمد السيد
» افتتاحيه الحوار من هدى المختار صلى الله عليه وسلم
الأربعاء نوفمبر 09, 2011 6:18 am من طرف احمد السيد
» بلد الرجل الواحد
الأحد نوفمبر 06, 2011 3:40 pm من طرف احمد السيد
» وصفة سحرية لكسب قلوب الناس
الجمعة نوفمبر 04, 2011 3:55 pm من طرف
» عشر ذي الحجة فضائلها والأعمال المستحبة فيها
السبت أكتوبر 29, 2011 5:44 am من طرف
» 6 أنواع من الرجال تجذب النساء
الإثنين أكتوبر 24, 2011 12:52 pm من طرف
» استراتيجيات التعلم النشط
السبت أكتوبر 22, 2011 6:31 am من طرف
» تاريخ التمريض فى مصر
الإثنين سبتمبر 19, 2011 9:42 pm من طرف
» من فوائد العسل العلاجية
الأحد يونيو 19, 2011 3:19 pm من طرف
» معلومة لست البيت
السبت يونيو 11, 2011 6:12 am من طرف
» صائد الدبابات المصرى( محمد عبد العاطى)
الإثنين يونيو 06, 2011 12:11 am من طرف
» قصة مخترع الفيس بوك
الأربعاء أبريل 06, 2011 10:56 pm من طرف
» أنا منتقبة مرفت الصياد
الخميس مارس 31, 2011 8:33 am من طرف
» أصل الصوفية وموقفها فى الدين
الثلاثاء مارس 29, 2011 11:18 am من طرف
» ماذا تعرف عن الدكتور عمرو موسى؟
الجمعة مارس 25, 2011 2:15 pm من طرف
» رائعة الحرية للأستاذ أحمد مطر
الخميس مارس 24, 2011 10:54 am من طرف
» كيف تتعامل مع أناس لا تطيقهم
الخميس مارس 24, 2011 6:23 am من طرف
» الإسعافت الأولية للحروق الكيميائية
الثلاثاء مارس 15, 2011 11:11 pm من طرف
» الاسعافات الأولية لمريض السكر
الثلاثاء مارس 15, 2011 11:05 pm من طرف
» الواد البيه
الإثنين فبراير 21, 2011 1:01 pm من طرف
» نشيد الحياة بقلم جمال عبده
الجمعة فبراير 11, 2011 1:35 pm من طرف
» من هم البلطجية
الأحد فبراير 06, 2011 2:32 pm من طرف
» على اسم مصر كلمات صلاح جاهين
الخميس فبراير 03, 2011 10:25 pm من طرف
» الروشتة بقلم زكى الشيخ
الخميس يناير 27, 2011 5:13 am من طرف
» إمنع الصراصير
الأربعاء يناير 26, 2011 1:42 am من طرف
» مكاتب بريد دمياط والرمز البريدى والتليفون
الإثنين يناير 24, 2011 9:53 am من طرف
» عشرون وصية لتجنب القلق
الإثنين يناير 24, 2011 9:14 am من طرف
» إعرف شخصيتك من من خلال نوعية ردودك
الإثنين يناير 24, 2011 9:08 am من طرف
» كيف تنظف ذاكرتك؟
الإثنين يناير 24, 2011 8:54 am من طرف
» إشحن داماغك بالنجاح
الإثنين يناير 24, 2011 8:31 am من طرف
» كيف تتخلص من الكلام السلبي مع الآخرين؟
الإثنين يناير 24, 2011 8:29 am من طرف
» لماذا يرى الحما الشيطان والديك يرى الملائكة ؟
الأحد يناير 23, 2011 7:30 am من طرف
» أصغرطفل وطنى فى مصر
الجمعة يناير 21, 2011 5:42 am من طرف
» مدارس الأقصى
الخميس يناير 20, 2011 11:56 pm من طرف
» هل رأيتم عاشقا يهوى شمس الأصيل خالد هيكل
الإثنين يناير 17, 2011 11:38 pm من طرف
» علمينى بالمودة بقلم رشا حمزة
الإثنين يناير 17, 2011 9:47 am من طرف
» أنواع الشخصيات التى تقابلك فى حياتك
الأحد يناير 16, 2011 11:29 am من طرف
» كيف تقضى على قلق الامتحانات
السبت يناير 15, 2011 9:16 am من طرف
» كيف تقضى على قلق الامتحانات
السبت يناير 15, 2011 9:16 am من طرف
» أعذرونى بقلم الفلسطينية / رشا حمزة
السبت يناير 15, 2011 7:20 am من طرف
» التأشيرة بقلم هشام الجخ
الجمعة يناير 14, 2011 9:45 pm من طرف
» كم تشتكى إيليا أبو ماضى
الخميس يناير 13, 2011 9:01 am من طرف
» فائدة الطماطم الطبية
الإثنين يناير 10, 2011 8:50 am من طرف
» كيف تتغلب على شهوتك وتغض البصر
الإثنين يناير 10, 2011 8:14 am من طرف
» أعمدة الحب السبعة
الأحد يناير 09, 2011 12:17 pm من طرف
» قصيدة للشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم عن أحداث الأسكندرية
الجمعة يناير 07, 2011 11:31 pm من طرف
» مين قال الشيطان شاطر بقلم يسرى اللباد
الجمعة يناير 07, 2011 10:32 am من طرف
» ويا مريم بقلم يسرى اللباد
الخميس يناير 06, 2011 9:18 am من طرف
» قصيدة لأبى الأسود الدؤلى
الخميس يناير 06, 2011 9:09 am من طرف
» بركان غيوم شق السحاب بقلم سمر محمود
الإثنين يناير 03, 2011 11:56 am من طرف
» عم الأفندى بقلم محمد حجاج حجاج
الأحد يناير 02, 2011 10:24 am من طرف
» مستحيل بقلم محمد عواد
السبت يناير 01, 2011 3:41 am من طرف
» إعرف ابنك اكتشف كنوزه
السبت ديسمبر 25, 2010 9:37 pm من طرف
» علاج بعض الأمراض بالأعشاب الطبية
السبت ديسمبر 25, 2010 2:53 am من طرف
» الدوسناريا وعلاجها
السبت ديسمبر 25, 2010 2:34 am من طرف
» أطيب وجبة ومقاديرها !!!
الخميس ديسمبر 23, 2010 8:09 am من طرف
» ماذا تعرف عن جحا
الأربعاء ديسمبر 22, 2010 10:59 am من طرف
» أفكار دمرت العالم الإسلامى
الأربعاء ديسمبر 22, 2010 10:44 am من طرف
» قصة حياة الشيخ عبد الباسط محمد عبد الصمد
السبت ديسمبر 18, 2010 7:05 am من طرف
» سيرة عمر بن الخطاب أعدها محمد سيد
السبت ديسمبر 18, 2010 6:24 am من طرف
» البَرَد بين العلم والقرآن
الجمعة ديسمبر 17, 2010 11:47 am من طرف
» فوائد البرتقال والفول السودانى
الجمعة ديسمبر 17, 2010 11:33 am من طرف
» من مواعظ ودرر الشافعي الشعرية
الجمعة ديسمبر 17, 2010 11:07 am من طرف
» من وسائل تغيير السلوك السلبى لدى الأطفال
الخميس ديسمبر 16, 2010 1:30 pm من طرف
» تعديل السلوك السلبى لدى الطفل
الخميس ديسمبر 16, 2010 1:24 pm من طرف
» قصة مؤسس موقع ويكيليكس جوليان أسانج
الأربعاء ديسمبر 15, 2010 9:33 am من طرف
» هل تعلم أن
الأربعاء ديسمبر 15, 2010 9:31 am من طرف
» أطعمة وعادات دمياطية أعدها سمير الفيل
الجمعة ديسمبر 10, 2010 6:13 am من طرف
» العادات والأعراف الدمياطية أعدها سمير الفيل
الجمعة ديسمبر 10, 2010 5:57 am من طرف
» حلمى كلمات محمد عاطف
الأربعاء ديسمبر 08, 2010 11:13 am من طرف
» حلمى كلمات محمد عاطف
الأربعاء ديسمبر 08, 2010 11:12 am من طرف
» معجون الأسنان له 25 وظيفة
الثلاثاء ديسمبر 07, 2010 3:46 am من طرف
» طلع البدر علينا بمناسبة الهجرة النبوية
الإثنين ديسمبر 06, 2010 8:45 pm من طرف
» إمرأة وحزنها ومرآه بقلم لبنى غانم
الإثنين ديسمبر 06, 2010 9:04 am من طرف
» اخترنا خلاص البنا والعساس
الخميس ديسمبر 02, 2010 11:33 pm من طرف
» من أغرب القصص أم ترضع ابنها وهى ميتة !!!!!
الجمعة نوفمبر 26, 2010 10:24 am من طرف
» فن التعامل مع المخطىء
الجمعة نوفمبر 26, 2010 9:55 am من طرف
» السيرة الذاتية للعقيد على أحمد العساس ابن مدينة السرو
الأربعاء نوفمبر 24, 2010 10:19 pm من طرف
» تشققات الكعبين وطرق علاجهما
السبت نوفمبر 20, 2010 12:23 pm من طرف
» مراحل تسوس الأسنان
السبت نوفمبر 20, 2010 4:17 am من طرف